لحظة من فضلك

لمناقشة ونقد الأعمال الفنية بكل أنواعها من زاوية أدبية, كنقد الأفلام و المسلسلات أو الروايات والكتب و الأعمال الأدبية بوجه عام.

المشرفون: المهاجر،هبة الله محمد،الزهراء

أضف رد جديد
mostafa_hawash
أكاديمى جديد
أكاديمى جديد
مشاركات: 1
اشترك في: 02 فبراير 2010, 2:24 pm
Real Name: مصطفى حواش

لحظة من فضلك

مشاركة بواسطة mostafa_hawash »

لا اعلم لماذا نصر على "الابتعاد" بالرغم من سيل لعابنا على "الاقتراب"...نقرأ ونسمع ونتحدث كل يوم عن "الاقتراب" الا اننا لا نتأثر بما نقرأه او نسمعه..او أنه يؤثر فينا لحظيا ثم يتلاشى أثره كما تتلاشى الأتربة امام الريح العاصف...

تعود بي الذاكرة الى صحابين جليلين من صحابة رسول الله..عندما أقبلان عليه
يشكيان له انهما كلما عادا الى بيتهما نسيا ما ذكّرا به في المسجد بين يدي رسول الله....والفارق بيننا وبين ذلك الصحابين انهم حاسبوا انفسهم وأدهموها سؤالا وتوبيخا فشعروا بالتناقض فدفعهم ذلك الى أخذ وقفة مع أنفسهم....أما نحن لم نسأل أنفسنا ولم نحاسبها على التناقض الذي نقع فيه الا ما رحم ربي...

نحضر دروسا دينية أونشاهد برامج توعية او نقرأ مقالات ثقافية وبعد السمع والقراءة ننطلق وكأننا ما سمعنا شيء..ونكتب سلوكياتنا بنفس الصيغة التي كنا عليها وكأننا ما قرأنا شيء...وللأسف لم نقف لنحاسب أنفسنا لماذا هذا التناقض!!!...لماذا لا نتغير!!! ما الذي يمنعنا!!!...
أسرد تلك المقدمة الثقيلة ..لأنه بالرغم من انتشار عدد المفكرين والمصلحين والدعاة الا أن الفساد يتوسع...والعبث مازال يستطيل...
والسبب في ذلك كله...هم نحن....نعم نحن

بالرغم ما يتم سرده حولنا من "أصوات وكتابات"..الا أننا لا نتغير...نتأثر لحظيا وترتعد أطرافنا ثم تعود آمنة مطمئنة كما كانت...دون ان يحدث التغيير المنشود...
صحيح ان الرغبة داخلنا...لكننا نرجعها خطوة او اثنتين...وربما نؤجلها تارة او تارتين
وأضرب مثالا على ذلك...ما حدث منذ أشهر في غزة...حينها تأثرت الناس جمعاء..وكانت الدموع لها المساحة الأكبر في التعبير عن موقفهم...وبعد قليل ما الذي حدث؟...هل تغيرنا..هل عدنا الى انفسنا لنصلحها؟....قلنا ونكرر ان الحل في التغيير...
والجميع يعلم بذلك... لكننا لم نتغير...كنت أظنها "السليية" فحسب...لكن اتضح لي شريكا اخر

جلست مع نفسي كثيرا ..أحدثها ما الذي يمنعنا من التغيير؟...ما الذي يمنعنا ان نكون الافضل؟....كيف يمكن ان ننجح في حياتنا...لكنني لم أجد سوى "الدافع" الذي احمله "عتق رقبة" الجواب لتلك الاسئلة....نعم انه الدافع...ولكي يتضح المعنى
سأغير صيغة السؤال....لماذا نتغير؟....لماذا ننجح؟....لماذا نود ان نكون الافضل؟....
ما الذي سنجنيه وراء التغيير والنجاح؟...إنه الدافع

يقول عددا من دعاة الاصلاح والتفاؤل...على الانسان ان يبحث له عن "هدف" في الحياة...لكني اتساءل ...ما الذي يدفع الانسان لكي يجتهد ويجد لتحقيق ذلك الهدف...اذن لابد من دافع ..ودافع قوي..

فهو الذي يدفع الاب ليعمل ليل نهار من اجل زوجته واولاده واسرته...ويدفع السارق لسرقته من اجل مال يجنيه بالرغم من عدم حلته...ويدفع العاصي للصلاة والبكاء ليتقبل الله توبته...ويعير الشيخ الكبير قلما ليكتب عن قصته ومسيرته...
لولاه..ما بكى الطفل الصغير للحصول على حصيلته...ولولاه...ما خرج التائه باحثا عن ضالته....ولولاه...ما سعى "البسيط" الى حاجته...
تخيلوا لو ان ليس للحياة دافعا ...

وليس كل هدف له دافع..انما كل دافع له هدف...بمعنى
لو وضع أحدنا هدفا وليكن مثلا الوصول لأعلى منازل العلم...فما الذي سيدفعنا لكي نضرب في الارض بكل سواعدنا من اجل ذلك الهدف ولماذا ذلك الهدف عن غيره؟...اذن لابد من دافع..هو الذي يدفعنا لاختيار ذلك الخيار ومن ثم الى الأخذ بالاسباب...فلو كان اختيارنا لذلك الهدف عشوائيا بلا دافع.. فلن يستمر الامر طويلا


يبدولي ان لم اكن جازما ان الدافع...هو الذي يحركنا في هذه الحياة...فنركع لله ونسجد يدفعنا الى ذلك الرغبة الى دخول الجنة والبعد عن النار....ونجتهد في دروسنا المدرسية والجامعية يدفعنا الى ذلك الرغبة في النجاح والالتحاق بموكب المتقدمين او الرغبة في دخول كلية بعينها...ونتغير للافضل يدفعنا الى ذلك شعورنا بالمسؤولية عندما نحب او نتزوج او نشعر بخبث طويتنا... وتظل هكذا الحياة..ونظل معها بحاجة الى من يدفعنا لنخوض غمارها...

ولا عيب في ان نخلق دافعا لكي نستمر...لكن الا نتخيله..فشتان بين الخلق والتخيل...ونحذر ان يكون مؤقتا فيدور علينا كما تدور عقارب الساعة فوق رؤوسنا...
وأعود لنفس المثال الذي ضربته مسبقا.._غزة_....فمع انتهاء الحرب عليها عدنا كما كنا بعد التأثر والبكاء والدعاء...لان الدافع كان لحظيا ..فلما رفع رفع معه "تاثرنا"..

الدافع مثله مثل محرك السيارة... المسؤول عن "حركتها" و"قوتها"..وهو الذي يحدد "مقدار المسافة" التي تقطعها تلك "السيارة" بين "الارض والارض"...وكما ان ذلك المحرك بحاجة الى وقود لكي يعمل فان الدافع بحاجة الى "وقود" ايضا...وخير ما كان هي العزيمة والاصرار...


فمتى تتجرد النفس البشرية من العزيمة والاصرار لن يجدي للدافع نفعا في بسط يده اليمنى..والفارق بين العزيمة وبين الاصرار ليس كبيرا...فالعزيمة هو ان تعزم نفسك على عمل معين او هدف محدد اما الاصرار فهو ان تصر على ذلك العمل وعلى ذلك الهدف حتى وان وقعت اكثر من مرة ...لذا فان الاصرار يبدولي اجل من العزيمة...ومن هنا اقول..جميعنا يمتلك العزيمة لكني لا اعلم هل جميعنا يمتلك الاصرار؟...

ولأن "الوقود" مادة ..فهو يزيد وينقص....ومع مرور الوقت يبدأ الوقد بالنقصان وكذلك عزيمتنا واصرارنا....نبدأ العمل و"هما" في اوج قمتهما..ثم ينقصان شيئا فشيئا...ولكي نضمن استمرار سيارتنا علينا بالتوقف امام محطات التعبئة لأخذ حاجتنا من ذلك الوقود

...وكذلك العزيمة والاصرار علينا ان نتوقف امام محطات في حياتنا لكي ناخذ منها ما يعيننا على تحقيق نجاحنا واهدافنا ويجدد لنا عزيمتنا واصرارنا..وتلك المحطات تكمن في تلك البرامج التي نشاهدها او المقالات التي نقرأها او الدروس التي نحضرها..فهؤلاء يجددون عزيمتنا نحو التغيير للافضل او تحقيق النجاح

و وذلك نوع من الأخذ بالاسباب....فمثلا لو اراد طالبا في عامه الاخير في المدرسة ان يتفوق وان ينجح بمجموع كبير...فعليه اولا ان يبحث عن دافع يدفعه للدراسة والتفوق..وليكن مثلا الالتحاق بأحد الكليات التي يألف هويتها او ارضاء لوالديه وهذا من بره لهما ...ثم يتحلى بالعزيمة والاصرار حتى وان فشل في جولة او اثنتين...ثم يحاول ان يبحث عن محطات لتعبئة عزيمته واصراره من جديد..

فمثلا يتحدث مع صديق له او يسمع درسا عن النجاح والتفوق او يلقي ببصره في مقالة تدعو الى النجاح والتفاؤل او يفكر في النجاح الذي سيمتطيه حال الوصول اليه او يتذكر نجاحا مسبقا قد حاز عليه...ومن هنا يعيد الدماء من جديد الى عزيمته واصراره اللذان بدورهما يعيدان القوة الى الدافع الذي يعاود العمل بقوة فيتحرك ذلك الطالب ويندفع...

وقبل ان يعانق القلم غطاءه موصدا....اريد ان اوضح نقطتين ثمينتين..
الاولى....النجاح ثمرة ملمسها خشن لكن طعمها حلو... فلا تظن ايها الباغي للنجاح ان النجاح ينتظر قدومك...او ان طريقه سهلا ميسرا ممرد من قوارير...انما اعلم جيدا أنك سترى "ذئاب" الحياة تعوي كلما تقدمت خطوة.. تحاول تعطيلك او على اقل تقدير ان تلفت انتباهك عما تقصده..فلا تنشغل بأصواتها او يعجبك أجسامها ولكن استمر على

ما انت ماض فيه..وثق ان المشاكل ستعرض بين يديك.... كلما أمسكت بواحدة زاحمتك اخرى...فكن صبورا ولا تيأس فجدد عزيمتك وتذكر دافعك والنجاح الذي تسعى اليه
وعليك ان توقن ان النجاح يحتاج الى وقت لكي يتحقق...فلا تتسرع او تتعجل فلا تقفز خطوتين في واحدة وايضا لا تصعد خطوة في اثنتين فلا تكن عجولا ولا تكن بطيئا ولكن كن بين ذلك وسيطا....

اما النقطة الثانية....ان يكون هدفك "معرّب" في قاموس قدراتك...فلا تبحث عن الاهداف "المستحيلة" وتسعى لها فتقع في صدام بين واقعا رافضا وخيالا قابلا..وقد أسردت شرحا طويلا في ذلك المعنى في مقالة "بين الخيال والواقع أين انا"...

انا لا اقول لا تحلم..فمن حقنا ان نحلم بما نشاء لما نريد...حتى ولو كان الحلم مستحيلا...لكن ليس من حقنا ان نصادم الواقع بحلم لا اقول صعب المنال وانما مستحيل المنال.

.فمثلا تلك التي حولها ابنها الى ثكلى...من حقها ان تتخيله بين اضلعها لكن ليس من حقها ان تتحدث معه او تضطجع الى جواره او تتحدث معه فأولى لها ان تصلي وتدعو له...

لحظة من فضلك....ربما لست بأفضلكم ولا بأعظمكم نجاحا ولا بأكثركم خبرة لكتابة مثل تلك المقالات...لكني دعني اعيرها اسما اخر ...لنتواصى على النجاح...كما كانت صحابة رسول الله ..يقول أحدهما للأخر ...هيا نتواصى على الخير...

انها بعض مما أفرزته مخيلتي في لحظة كنت أنصت لها...في لحظة كنت تلميذا لها....
والان سؤالي للسادة القراء....ما هو دافعك لكي تتغير الى الافضل؟.....

كلمة أخيرة : النجاح هو من يصنع المجد وليس المجد من يصنع النجاح....وخير وريث للنجاح هو المجد....فثق تماما ان نجاحك وجهدك لن يذهبان سدى انما سيرثهما المجد..


بقلم :مصطفى حواش
صورة العضو الرمزية
سندريلا
مشرفة قسم الخواطر
مشاركات: 795
اشترك في: 28 إبريل 2009, 8:51 pm
Real Name: جيهان راضي
Favorite Quote: المرأة عاشت ألوف السنين مثل مرآة تعكس صورة للرجل أكبر و أجمل من الحقيقة !
verification: ID verified and trusted writer
مكان: my own world
اتصال:

Re: لحظة من فضلك

مشاركة بواسطة سندريلا »

أهلاً بك زميلي الفاضل في الأكاديمية ... أتمنى أن تستفيد منها و تفيد زملاءك ...
سعيدة جدا بمقالك الرائع الذي له هدف مميز أحييك عليه ... الدافع جزء هام من حياتنا فهو ما يحفزنا لكل خطوة وكل تقدم بمشوارنا ... فهو بمثابة عامل التحفيز بالتجارب الكيميائية ... عرضت فكرتك المتميزة بشكل سلس يسهل فهمه و بترتيب مقنع ... و شكل منظم رائع ...
سعدت جدا بنهاية المقال لأنك بها تقنع القاريء بفكرتك أكثر موضحا نيتك و أنك لا تعطينا عبرة لكنك تعبر عن فكرة هامة لابد من تحقيقها في حياتنا ... و بذلك تستطيع أن تربط بين القاريء و الكاتب بشكل حيوي ...
أحييك على ما كتبت و أتمنى أن أرى لك المزيد و المزيد من أعمالك و مشاركاتك بإذن الله :)
أضف رد جديد

العودة إلى ”النقد الفنى والمقالات العامة“