كلهم الا هو

المشرفون: Ghadat2009،نبضة...

أضف رد جديد
shery
أكاديمى فعال
أكاديمى فعال
مشاركات: 23
اشترك في: 26 إبريل 2009, 10:50 am
Favorite Quote: انت لا احد حتى يحبك احد
اتصال:

كلهم الا هو

مشاركة بواسطة shery »

منذ صغره وأمه لا تعامله كما تعامل كل أم ابنها00أى لا تراه غزالا ولا ترى نفسها محظوظه به 0 فدائما تقول له ليت فلانا هذا كان ابنى بدلا منك ، وفلان هذا ليس واحدا بعينه له صفه محدده يمكن تقليدها ، انما هو كل ولد ليس ولدها0ففلان هذا مثل القمر ، والآخر نبيه والثالث ملحلح ، والرابع فالح 00 والخامس والسادس والسابع وغيره 00 كلهم فى نظرها غزلان وأمهاتهم محظوظات بهم ، أما هى فحسره عليها حظها كده 00 هى التى تقول دائما 0
ويحاول أن يفهم منها كيف يستطيع أن يكون مثلهم حتى تحبه وترضاه ابنا لها ، فلا تزيد عن قولها انظر لهم وحاول أن تكون مثلهم 0 وهو ينظر ويحاول ، لكنه أبدا لا يرضيها ولا يغنيها عن التطلع اليهم ومصمصة شفتيها بنفس الحسرة 0 وهو يحبها ويتعذب بكرهها له ، وعذابه هذا جعله هو الآخر يكره نفسه ، حتى أصبح مع الأيام يتمنى مثلها لو أنه شخص آخر 00 لو أنه خالد أو شريف أو وليد لكن ليس سامى كما هو 0
وكبر وكبر معه كرهه لنفسه حتى أصبح جزءا منه ، فلم يعد سامى فقط انما سامى والذين يكرهونه 00 سامى وأعداءه 0 وهو لا يحاول أبدا أن يحارب أعداء سامى 00 فهم حلفاء أمه ، وهو يحب أمه ولا يستطيع محاربة حلفائها 0 وعندما ماتت كانت فرصته فى تغيير شئ قد ماتت أيضا 00 فكرهه لنفسه ورغبته فى أن يكون غيره أصبح من المستحيل نزعهما من داخله00 بل أكثر من ذلك تجاوزت رغبته هذه حد التمنى الى التقمص الفعلى لشخصية هذا الغير ، والاستغراق فيها تماما وكأن سامى ليس موجودا 0
هكذا عاش لا ينتمى لنفسه انما لغيره ، وعندما لايكون الانسان نفسه ويكون غيره فهو لا يكون واحدا بالذات ، انما هو كل واحد الا نفسه وأمثاله 00 وهو فاشل مكروه ، لذلك كان غيره هو كل ناجح محبوب ، ولان الناجحين المحبوبين كثيرون ، فقد عاش حياة العشرات بدلا من حياته 00 بدلا من كاتب الحسابات المغمور المركون فوق أرفف احدى الوزارات 0 عاش عالما كبيرا وممثلا مرموقا ورياضيا لامعا وكاتبا عبقريا وفنانا موهوبا 00 عاش مديرا ووزيرا وصحفيا واقتصاديا وسياسيا ومصلحا اجتماعيا ، وكل الشخصيات الناجحة التى يراها أو يقرؤها أو يسمع عنها ، والتى لا تشبهه فى شئ 0
========================[/CENTER ALIGN]
وهو سعيد بما يعيشه طالما أنه مستغرق فيه ، لكنه قمة الغلب والأسى عندما يصحو منه ، ويضطر أن يعيش نفسه خلال مراحل الانتقال من شخصية لاخرى 0 وهو يحتمل الغلب والأسى فى سبيل السعادة التىتعقبهما 00 فليس هناك حلاوة دون نار ، ونفسه هى النار التى يجب أن يمر عليها ويكتوى بها فى كل مره وهو فى طريقه ليستمتع بحلاوة الآخرين 0
والعمر يمضى به ، وكل الذين كانوا معه فى صباه وشبابه تزوجوا وأنجبوا وهو مازال وحيدا كما هو 0 ما الذى يمنعه من أن يفعل مثلهم ؟ 00 يمنعه أن المرأة ستتزوجه هو00 ستتزوج سامى ، وهو كل رجل الا سامى هذا ، لذلك ففشله معها أمر محتوم 00 وهو مازال يتعذب بفشله مع أمه لانه سامى ، ولا يريد أن يضيف اليه عذابا آخر بفشله مع زوجته لانه ليس سامى 0
وسن الخمسين لم يبق عليها الكثير ، ومازال كرهه لسامى قائما ، ومازال تقمصه لشخصيات الآخرين قائما ايضا 0 لكنه لم يعد كما كان 00 ففى فترات انتقاله من شخصية لأخرى أصبح يرى اقتراب النهاية ، وأن نفسه بعد قليل لن تصبح مجرد فترة انتقال أو محطة انتظار يمر بها سريعا وهو فى طريقه لنفوس الآخرين ، انما ستكون هى المقر الأخير والوحيد 0
تساءل طويلا وكثيرا 00 هل سيظل قادرا على أن يكون غير سامى لو عاش أكثر من ذلك 00 لسن الستين مثلا ؟ 00 أم أن قدرته على التقمص سوف تشيخ وتضعف نتيجة التكرار والملل ، وقلة ونوعية الأدوار التى ستلائمه فى هذه السن ؟ 00 واذا شاخت وضعفت واضطر أن يعيش حياته هو ، فكيف سيكون لقاء سامى بسامى لاول مره بعد كل هذا العمر ؟ 00 هل سيكون لقاء البداية أم وداع النهاية ؟ 00 هل سيرحب سامى بسامى أم سيقتل سامى سامى ؟ 0
وأجاب على تساؤلاته بأنه اذا رأى سامى يعانق سامى ، فهو اذن رومانسى متفائل متسامح مع الحياه ، يرى الورود وينسى القبور الرابضة تحتها 0 واذا رأى سامى يقتل سامى ، فهو عملى واقعى ، يرى القبور ويجرحه شوك الخوص المنثور فوقها 0 أما اذا لم ير شيئا وقال لا أدرى ، فهو منذ البدايه لم يفهم شيئا 0
ولانه منذ البدايه يفهم كل شئ ، ولا يستطيع أن يكون رومانسيا متفائلا متسامحا مع الحياه ، فقد رأى القبور وجرحه الخوص المنثور فوقها 0
======================[/CENTER ALIGN]
صورة العضو الرمزية
هبة الله محمد
مشرفة قسم أخبار الأدب
مشاركات: 672
اشترك في: 28 نوفمبر 2008, 12:20 am
Favorite Quote: الجحيم هو الآخرين.
verification: ID verified and trusted writer

Re: كلهم الا هو

مشاركة بواسطة هبة الله محمد »

قصة رائعة، عبقرية الجمال ولمل، واعلاقة المعقدة بين الأم والابن واتلي خلفت علاقة أكثر تعقيدا بين الابن وذاته..يخيل إلي أنه يمكنك تحويلها لرواية وستكون رائعة أيضا..مادة القصة ثرية وتصلح كثيرا..
شكرا على امتاعنا بقصتك الرائعة.. flower1
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”قصص فصحى“