صفحة 1 من 2

المحظوظ

مرسل: 26 مارس 2010, 6:04 am
بواسطة محمد عباس على داود
المحظوظ





قصة قصيرة


تبلغ الدقة عند زوجتى مداها ..أراها فى كل أمورها – خاصة فيما يتعلق بتعاملها معى - فأتعلم كيف يكون النظام ..والتعلم فى سنى هذا يحتاج الى تكرار ، وحتى التكرار فى معظم الاحوال مع من كان مثلى سريع النشسيان لايفيد ..لذا فقد هدانى عقلى الى
فكرة رأيت فيها الصواب اذ قالت لى نفسى مادمت تعمل بالتجارة وتهتم بالمحاسبة ، فهيا معى نسجل فى احصائيات دقيقة هذا النظام ..أعجبتنى الفكرة ..هرولت الى اوراقى وقلمى ..وضعتهما امامى بحيث يذكرانى اذا نسيت بما انتويت عليه من أمر .. وقد استطعت نتيجة لهذا العمل الشاق أن أسجل احصاءات شتى وكلها تؤكد ماقلت ، مثل عدد لحظات الكلام فى اليوم الواحد وعدد ساعات الصمت ، و زمن لحظات الصفو وأمد ساعات الاكتئاب ، وعدد مرات العبوس وعدد مرات الابتسام كل شهر .. وقد بهرتنى نتائج تلك الاحصائيات ، خاصة تلك التى تتحدث عن مرات الابتسام فى الشهر الواحد ، اذ اكتشفت أنها ثلاث لاتتغير ، لايؤثر فيها قدوم شهر كبيس ،
ولاورود شهر بسيط ، ولا يغيرها حضور مناسبات،
ولا يبدلها اشراق أعياد.. وهذا طبعا - حسب الاحصائية - يدل على دقة متناهية ، ولمزيد من المتابعة منى قمت بتسجيل مناسبات هذه البسمات الثلاث شهريا للأستدلال فكانت كالتالى:-
البسمة الأولى ..موعدها أول كل شهر وهو غالبا لايتغير ..يومها أرى منها مايملأ القلب بهجة ..تهلّ بسمتها مثل هلال القمر صغيرة ، ثم تكبر حتى تصير بدرا وهى تتناول منى راتب الشهر ،بعدها حين تختفى النقود من يدها يتحول البدر الى محاق فورى وينتهى الأمر .
أما الثانية وهى ذات موعد متحرك فيحين موعدها يوم الأستعداد لزيارة والدتها ..تشرق الشمس فى منتصف النهار ..يعم الضوءالذهبى البهيج أرجاء المنزل ، أسمع أحلى الكلمات ، ويتحول اسمى بقدرة قادر من عثمان الى (سونه ) ..تظل الشمس مشرقة الى مابعد العشاء حيث تنتهى الزيارة وتبدأ
رحلة العودة الى البيت ..وخلالها تبدأ الشمس بالأفول رويدا الى أن نعبر مدخل الشقة ونغلق الباب خلفنا ، لحظتها فقط تنطفىء الشمس تماما ويعّم الظلا م ، ويعود اسمى الى عثمان للحظات لاتكاد تحصى ، ثم يتم الغاؤه وتكتفى حين تحادثنى بلفظة (انت)
أما البسمة الثالثة وموعدها حسب الظروف فتمّن علّى بها يوم زيارة أخيها( حسام ) لنا ..فأرانى يومها وقد اصبحت محور ا
هاما من محاور اهتمامها ،واراها تبتكر أسماءا جديدة من أجلى وحدى ،مثل حبيبى ،روحى ،حياتى ..يومها أشعر أنها لاتتكلم ،بل تغرد قائلة ..سونا حبيبى هات من السوق..ومن البقال ياحياتى ..ومن الجزار ياروحى..!
ويجىء ضيفنا الكبير ..يرى جوا صافيا وطعاما وفيرا ..يبتهج ..تتطاير الضحكات وتنتشر العبارات ..ونقسم عليه حبا وكرامة أن يبيت الليلة عندنا ، فيجيب ضاحكا أنه لايريد أن يعكر الجو علينا ، وهو يضربنى فى كتفى ضربة ذات مغزى ، فأفهم وأفتح فمى كما يفعل الفرسان الكبار، و وأقوده الى الباب قائلا أننى يسعدنى وجوده معنا،وبمجرد غلق الباب تختفى (سونه) من الوجود وأعود عثمانا كما كنت ، وربما تعرضت لفيض من لوم نتيجة فعل أو قول لم يرضها ،وقد تبكى ندما لأنها عرفتنى فى يوم لم تطلع له شمس ،ومضطرة للعيش معى رغم أنفها .الصغير التى كثيرا ماتتباهى به.
....................
ولأن الاحصائيات خلقت للبحث والمقارنة ثم معالجة الأمور على هداها فقد قمت بالنظر والدراسة ، ثم اهتديت الى فكرة قررت أن أنفذها فورا ، وهى أن أقلدها وأبتسم ثلاث مرات فقط فى الشهر ..قالت لى نفسى أن هذا تفكير عقلانى ويرسخ مبدأ المعاملة بالمثل ،بدلا من هذا التبذير المغالى فيه فى فتح فمك ،فقلت لها موضحا أن ست بسمات فى الشهر ستجعل بيتنا سعيدا ..غير أننى واجهتنى مشكلة لم تكن فى الحسبان وهى تحديد ثلاث مناسبات كما تفعل هى ..جلست أفكر ..طال التفكير ..عدت لنفسى قائلا فى حدة ..هكذا سيضيع الأمل فى المساواة ..لن نصل الى شىء وستضيع الاحصائيات هباء ويصبح علم المحاسبة بلا جدوى .
سألتنى نفسى وماهو الحل ؟
هرول فكرى الى خارج البيت ..قلت لها ..مؤكد سأجد مناسبات عديدة تثير الضحك وليس البسمة فقط ..هناك العمل ..الأصدقاء ..الأقارب .
و بدأت البحث ..أطلت التفكير ..التنقيب ..الاستفسار ..لم أصل الى شىء ..صدمت .. أحنيت رأسى معلنا فشلى وقررت المثول بين يدّى زوجتى ، والتمس أن تزيد عدد بسماتها الشهرية لحاجتى الى بعض بسمات اضافيه ..غير أننى ترددت ، قلت لنفسى أن معنى هذا خطير ،ونتائجه مرعبة ،قالت فى حزن ..أرى أن تستشير صديقا ..اعجبتنى الفكرة ..هرولت اليه ..عرضت الأمر عليه ..أحنى رأسه متأثرا وهو يهمس :-
- انت أسعد حظا منى ..زوجتك تبتسم ثلاث مرات فى
الشهر ..حذار أن تبوح بهذا لأحد ..الأعين لاترحم
حدقت فى وجهه ..الجد يغلف نظراته..هرولت الى البيت ..اتجهت اليها مباشرة ..حدقت فى وجهها العابس هاتفا :-
-
شكرا

ازداد الوجه عبوسا وهى تتساءل :-
-
لماذا ؟

اضطررت للصمت ، اذ ربما تشعر أن ثلاث بسمات فى الشهر كثيرة وتفكر فى تخفيضها الى اثنتين !!


Re: المحظوظ

مرسل: 26 مارس 2010, 9:09 pm
بواسطة محمد محمود
أخي العزيز وزميلي الفاضل
مرحباً بك زميلاً لنا في أكاديميتك وأكاديميتنا م11
نتمنى لك قضاء أمتع وأنفع الأوقات معنا وأن تكون معنا زميلاً مبدعاً بكتاباتك
قصتك تعتبر من النوع الاجتماعي الساخر ، وهي في نفس الوقت تناقش نقطة مهمة وشائكة في حياة بعض الأزواج الذين لا يجدون الألفة بينهم.
ورغم أن بطل قصتك لا يحظى في حياته سوى بثلاثة أوقات يرى فيها ابتسامة زوجته ، فتلك هي المأساة .
لكنها مأساة لها حل .
يمكنه أن يحصل على ابتسامة رابعة تدوم وتطول وتكون بعيدة عن الرياء والمصلحة ، وسبيله الوحيد في الحصول عليها أن يكون صادقاً مع زوجته محباً لها من غير ضعف ولا تملك من طرف لآخر .
فالصدق في المشاعر كفيلٌ بخلق ابتسامة دائمة ، أو على الأقل صادقة حتى لو غابت لا تغيب ذكراها .
قصة اجتماعية بأسلوب ساخر جذاب .
تمنياتي لك بالتوفيق الدائم

Re: المحظوظ

مرسل: 29 مارس 2010, 10:46 pm
بواسطة dr asmaa
الزميل محمد السلام عليكم

قصتك تمثل جزء كبير من بعض العلاقات الزوجية غير المتكافئة
ولكنها أيضا أفضل من غيرها التى أحيانا نسمع عنها ونراها


عجبنى فكرة حساب الأوقات ده فكرة جديدة ومسلية ممكن الواحد يعملها فى أوقات فراغة


تحياتى لك وفى انتظار الجديد

Re: المحظوظ

مرسل: 01 إبريل 2010, 12:16 pm
بواسطة Ghadat2009
مرحبا بك يا محمد بيننا أخا مبدعاً

استمتعت بقراءة قصتك الجميلة التي تندرج تحت الأدب الساّخر ؛ و الفكرة نفسها أضحكتني : أن يقوم البطل بحساب الابتسامات الشهرية و أن يحاول تحديد ابتساماته بالمثل و كان الأسلوب شيّقاً ممتعاً .

و الجميل أيضا هو الطرح الجميل الباسم لمشاكل المتزوّجين و بين السطور يطلّ الهدف الجميل لتكتمل الصورة.
أحس أن المستقبل يتفتح ذراعيه لهذه النوعية من الأدب التي تلقى قبولاً و حماسا كبيراً من جميع القرّاء.

سأثبّت قصتك الجميلة لنقرأها مراراً و لنشهد محاولات جميلة مثلها إن شاء الله.

في انتظار المزيد من قصصك الشيّقة

تحياتي flower1

Re: المحظوظ

مرسل: 01 إبريل 2010, 7:46 pm
بواسطة محمد عباس على داود
الأخت المحترمة..
ghadat2009
لك كل التقدير ..سعادتى لمرورك الكريم على كلماتى بالغة ..لك كل الشكر والعرفان ..واذا كانت نوعية هذه الكتابة قد لاقت نوعا من القبول فاننى استأذن سيادتك فى تقديم نوعية أخرى راجيا أ ن تقدمى رأيك فيها وكذلك اراء اخوانى واخواتى ايضا ولكم جميعا كل التقدير

Re: المحظوظ

مرسل: 01 إبريل 2010, 7:49 pm
بواسطة محمد عباس على داود
الاخ العزيز ..محمد محمود مشرف قسم الاشعار ..لك حبى واحترامى ..كلماتك البسيطة الاحرف .. الرقيقة والعظيمة المعنى تركت اثرا عظيما لدى ..لك كل الشكر لمرورك المندى بأريج المحبة والاخاء ولكلماتك الرائعة وسلامى

Re: المحظوظ

مرسل: 01 إبريل 2010, 7:53 pm
بواسطة محمد عباس على داود
dr. usamaa
العزيز ه تحياتى لك اختى الكريمة وشكرى على مرورك الكريم على كلماتى التى اينعت حروفها لهطول عباراتك الرقيقة المنداة بالرياحين عليها ..اتقدم بين يديك بالشكر والتقدير ..وسلامى

Re: المحظوظ

مرسل: 25 إبريل 2010, 12:32 am
بواسطة أسماء الألفي
سلمت يداك يا أخي
القصة رائعة والفكرة أروع
وأسلوبك جميل جدا ومفرداتك بسيطة ومريحة
ومناسبة جدا لفكرة القصة
بالتوفيق دوماً إن شاء الله
تحياتي لك

Re: المحظوظ

مرسل: 25 إبريل 2010, 4:10 am
بواسطة محمد عباس على داود
الاخت اسماء ..تقديرا لك وعرفانا وشكر من القلب على كلماتك الرقيقة ومرورك الكريم ..دمت ودام ابداعك

Re: المحظوظ

مرسل: 17 مايو 2010, 3:53 am
بواسطة محمد عباس على داود
أخى العزيز ..تحياتى أولا ..ثانياَ أسعدنى ردك جداَ ..لك كل التقدير على مرورك وكلماتك المتدفقة بالود والمعطرة بالمرح والجمال ..لك كل الشكر ..وسلام