متلازمة المعطف الأبيض

المشرفون: Ghadat2009،نبضة...

أضف رد جديد
مصطفى السيد سمير
أكاديمى جديد
أكاديمى جديد
مشاركات: 5
اشترك في: 05 فبراير 2009, 12:06 am
مكان: قنا
اتصال:

متلازمة المعطف الأبيض

مشاركة بواسطة مصطفى السيد سمير »

قبل أن يبدأ الشتاء .. يكون الهواء البارد قد مس جدران عنبر الأطفال .. وأذهب دفأها النسبي الذي ظل يتكون لشهور عديدة بفعل الشمس والصور الكارتونية المبهجة وتصايح الأطفال وارتجاف أيدي الأمهات اللاتي يرضعن أطفالهن أو يعدلن من وضع الوسائد خلف رؤوسهم أو يضبطن أجهزة الأكسجين المتصلة برئات المرضى منهم بالالتهاب الرئوي ..
قبل أن يبدأ الشتاء يكون طلبة الطب أول من يرتدون القمصان الثقيلة ذات الأكمام من بين طلاب الكليات المختلفة.. كما أن بعضنا قد يعمد إلى ارتداء معطفه الأبيض قبل ميعاد المرور على المرضى إذا ما ضايقه هواء الصباح البارد الذي سوف يزداد برودة مع الوقت .
- الحالة دي Typical pneumonia


(حرص على أن ينطقها بالإنجليزية كإنما رفقا بأذن أمه التي تجلس بجوارنا )
حط السماعة هنا وقول لي سامع إية ..
أنتزع نفسي من الشرود مؤقتا وأنا أضع طرفي السماعة في أذني .. أتأمل الطفل الذي لم يبلغ السنتين برفق خوفا من أجرح جلده الناعم بعيني الخشنتين .. يقلب نظراته فينا باستغراب وريبة كأنه يعرف أن هناك ثمة خدعة .. ويعرف أن الدكتور إبراهيم قد أمرنا قبل أن ندخل العنبر أن نخلع المعاطف البيضاء حرصا على عدم إثارة فزع الأطفال الذين ارتبطت لديهم هذه الهيئة بألم الحقن وطعم الأدوية المر وترك فراشه الدافئ والقدوم هنا وسط كل هذه الوجوه التي لا يعرفها وقلما تبتسم .. فيمتلئ بالخوف والمشاعر العدائية ويرفض حتى أن يلمسه أحد.. بل إن ضغط دمه قد يرتفع من تلقاء نفسه فيما يعرف بمتلازمة المعطف الأبيض ..
أضع السماعة على صدره فيبدأ في الصراخ .. تتقلص ملامحه الدقيقة ويشير بأصابعه التي لا تبين إلى أمه فتسرع إلى تغطيته .. أتوقف مصدوما ويمسك الدكتور إبراهيم بيدي ليبعدها ..
- يا دكتور .. في الشتا لازم تدفي السماعة بتاعتك كويس قبل ما تحطها على جسم المريض بتاعك .. انت مش ضامن إنه يبقى هادي وكويس معاك طول ما انت بتفحصه ..
أحاول التحكم في تسارع نبضات قلبي وارتعاش أصابعي.. أضع السماعة على يدي لأدفأها فأكتشف أن يدي نفسها باردة..
- حتصرفولنا علاج ولا لأ يا دكتور .. إحنا من يوم ما جينا هنا وكل يوم الطلبة يقلبوا فيه ولسة ما كتبولناش حاجة ..
- حاضر يا حاجة ماتقلقيش .. أول ما تيجي نتيجة الأشعة حنكتب له العلاج .
أستغل حوار الدكتور إبراهيم مع والدة الطفل حتى أستعيد هدوئي وأضع السماعة الدافئة من جديد.. تختلط في أذني أصوات حشرجة الهواء العابر في ممراته الهوائية المصابة بالتليف مع نهنهته الخافتة وجلبة الممرضات بالخارج ودقات قلبي .. ولكنني سأدعي أنني قد سمعت بوضوح وسأعطي السماعة إلى زميلي ليأخذ دوره في الفحص وأسارع بالاختفاء خلف زملائي كي لا يراني ..
صورة العضو الرمزية
الأمير الحائر
مشرف قسم الروايات
مشاركات: 859
اشترك في: 31 أكتوبر 2008, 8:06 pm
Real Name: وليد توفيق
Favorite Quote: و تبقى الكلمات...
verification: ID verified and trusted writer

Re: متلازمة المعطف الأبيض

مشاركة بواسطة الأمير الحائر »

نورت الأكاديمية يامصطفى..طبعا أنا متأكد إنك أكيد دكتور لأن واضح إن الموقف فى القصة هنا مش تخيلى وبس لكن موقف مريت بيه...ويمكن كمان لأنى قريت أعمال ليها نفس الإحساس قريب من زمايلى فى سنة الإمتياز فى كلية الطب..صورة
عجبنى كلمة الأم التلقائية واستخدامك الموفق للعامية فيها " الطلبة يقلبوا فيه ولسة ما كتبولناش حاجة " لأن ده فعلا تعبير أى حد بسيط عن تجربة التعامل مع طلبة إمتياز فى طب...وبيعتبروهم زى مدرسين التربية العملى اللى بييجوا يدربوا فى التلاميذ...مع إبتعاد التشبيه طبعا بس ده فعلا ممكن يكون تفكير أى حد بسيط...وحسيت الكلمة دى وصلت بعفوية كل المعنى ده...
ونفس المعنى حسيته فى النهاية فى فكرة بعد الشخصية وإختفائها عن عين الطفل, اللى ممكن يبقى ليه كذا معنى....
بحييك جدا يامصطفى على قصتك و أهلا بيك مرة تانية فى الأكاديمية
ثمة أسماء و ألقاب تبقى..بقاء الأرض..بقاء السماء..و بقاء الكلمات...
ثمة أشياء تتعلق حياتها بأماكنها..بتوابيت مغلقة تخشى الإبتعاد عنها...
رغم أن الحياة..قد تكمن فى هذا البعد...

.....

...:: و تبقى الكلمات ::...

...... صفحتى فى الأكاديمية ......
لوسفير
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 174
اشترك في: 09 فبراير 2009, 2:57 am
Favorite Quote: لا حياة بدون يأس ولا يأس بدون حياة (وعجبى)

Re: متلازمة المعطف الأبيض

مشاركة بواسطة لوسفير »

رائع على اول مشاركه...لكن ..لحظت شئ...ان كتابتك مزيج من العميه و الفصحه ...قد يكون هذا جيد فى بعض الاحيان عندما تكون القصه ساخره ....وتكون غير مفيده فى بعض القصص الاخرى ....لكن بغض النظر جزء المعلومات رائع منك
أضف رد جديد

العودة إلى ”قصص فصحى“