طيف من الماضي

المشرفون: Ghadat2009،نبضة...

أضف رد جديد
المصرية
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 412
اشترك في: 09 ديسمبر 2008, 2:33 pm
Real Name: رانيا حسن
verification: ID verified and trusted writer

طيف من الماضي

مشاركة بواسطة المصرية »

د.أحمد سعيدالرجاء التوجه الى غرفة 501للأهمية"

تردد النداء في أرجاء المشفى الاستثماري الكبير، فعمد أحمد الى انهاء غذاءه ، والتوجه الى الغرفة المعنية بالنداء، وعندما دلف من باب الغرفة؛ وجد أمامه فتا ة في اوائل الثلاثنيات فاقدة للوعي تماما، وقد تصلب جسدها؛ فصارت أقرب الى الموت منها الى الحياة لولا تلك الأنفاس المتخاذلة التي تنبعث من صدرها على استحياء.واسرع يدق الجرس للممرضة؛ لتنقلها الى غرفة العناية المركزة على الفور .
وحانت منه نظرة الى وجهها الشاحب فخيل اليه انه يعرفها، واسرع يهز رأسه، لينفض ذلك الخاطر من فكره فقد أعتاد ان يلاحقه طيفها كثيرا في الأيام الماضية:

_"هل ستكون بخير يا دكتور "

قالتها المرأة العجوز التي تصاحب الفتاة :

_"ان شاء الله يا حاجة "

رد في ألية أكتسبها من سنوات عمله ،وهم بمغادرة الغرفة لولا ان تناهى الى سمعه صوت المرأة ملتاعا، وهي تردد أسم فتاته القديمة ؛ فانتفض قلبه من مكانه ،واستدار عائدا يحدق من جديد في الجسد المسجي؛ فإذا ماظنه طيفا من الماضي، قد تجسد امامه لحما ودم وقبل ان يفيق من صدمته اذا بالممرضة تدخل الغرفة متعجلة فوجدها فرصة لينفس فيها عن انفعاله ؛فأخذ يصرخ فيها، وهو يملي اوامره و الأخيرة في دهشة من انفعاله الزائد الذي لم تعتده منه .


وقف احمد على باب غرفة العناية المركزة مطرقا برأسه الى الارض، وقد عاد به الزمن الى الوراء سنوات وسنوات...وتذكر ذلك الوجه الجميل الذي طالما رأه مبتسما مشرقا كأنما الشمس تسكن في جبين صاحبته... كانت تنتظره بعد يوم طويل خارج المدرجات وفي عينيهاتلك النظرة التي تمحو بها عن صدره عناء اساعات الطويلة ,فتمضي تمازحه حتى تنزع البسمة من بين شفتيه ,تلون لوحة حياته الرمادية فتغدو الحياة تستحق المضي فيها ,لا زالت ضحكاتها ترن في أذنيه :
وتعالى صوت صفيرعال ، وتسائل في شرود عن مصدر الصوت وأنتبه في فزع الى جهاز رسم القلب يرسم ذلك الخط المستقيم اللعين فأسرع يقتحم الغرفة ويلتقط جهاز الصدمات الكربائية
_"إخلاء "
ولا يزال الخط المستقيم يواصل طريقه في عناد:
_"إخلاء "
وفي هذه المرة اهتز خط الموت ليعود القلب الميت للحياة ثانية وتعود معه الدماء تجري في عروقه ثانية ، وارتمى على مقعده يجاهد لألتقاط أنفاسه وتردد السؤال داخل عقله مرارا..لماذا؟
تخرجا معا في نفس العام هو من كلية الطب ،وهي من كليتها النظرية، وتم تعيينه في كليته اما هي فبعد عام من البحث المضني وجدت ضالتها في أحدى حضانات الأطفال وكانت سعيدة جدا بهذا العمل ، ولم لا او ليست هي بروحها الشفافة وقلبها الذي لا يعرف اليه اليأس طريقا أقرب ما تكون الى طفلة كبيرة وفجأته ذات يوم
_"ما رأيك ان تأخذ غرفة السطح لتكون عيادة لك وأنا سأكون سكرتيرتك الخاصة و..........."
قاطعها منزعجا:
_"أحقا تريدين مني ان ادفن علمي ونفسي في هذا الحي الفقير الذي طالما تمنيت ان تتاح لي الفرصة لكي أفارقه بغير رجعة.."
وعندما انهى كلماته الغاضبة ؛ إذا بوجهها تفرمنه الدماء ، ويرتسم الألم عليه، وشعر بالندم لرده القاسي عليها فربت على خدها مهدئا:
_"إنني ارغب ان انال فرصتي كطبيب حقيقي لا ان اكون مجرد ممارس عام لا يختلف عمله كثيرا عن اي حلاق صحة في الريف، انني اريد ان اكبر واريدك ان تكوني معي.." نظرت له غير مصدقة وقد قرأت في عينيه ماحاول ان يخفيه عنها.
(د.أحمد سعيد مطلوب في الأستقبال )
تردد النداء مرة أخرى في أرجاء المشفى لينتزعه من بين ذكرياته؛ فتحامل على نفسه و اتجه الى الاستقبال فوجد ام فتاته ، وقد وقف بجوارها (فرغلي موظف الاستقبال الذي قابله بأبتسامة لزجة
_"احم..هناك مشكلة بسيطة يا دكتور .اعني انك تعرف قوانين المشفى والحاجة على ما يبدو .."
قاطعه احمد في نفاذ صبر _"ادرج كل انفقات تحت الحساب " وتناول منه بعض الأوراق ليضع إمضائه عليها وأخذت المرأ’ة تشكره :
_"انه جزء من الدين الذي في رقبتي... الم تعرفيني بعد يا خالتي؟"
.
_"أعذرني ياولدي ان السنوات الاخيرة من عمري قد اخذت مني الكثير فبهتت ذاكرتي وضعف بصري "


,وبدا على المرأة عدم التصديق وهي تحدق في وجهه

_"ماشاء الله ياولدي.. ان امك كانت لتفخر بك"
وتسائل في نفسه احقا هذا اماكانت تريده له أمه انه يعرف جيدا حقيقة ما وصل اليه، لقد صار بعيدا جدا عنذاته القديمة وربما لوكانت امه حية ما تعرفته وان لم تتغير ملامحه وترك المرأة ليطمئن على فتاته ؛ بعد ان وعدها بان يخبرها بما يجد من اخبار.

ارتفع رنين هاتفه الجوال ونظر الي شاشته؛ ليجد اسم زوجته جوليا، وتساءل في ضيق عنا تريده منه الان علها تريد ان تحدثه عن بعض الامور العالقه بينهما خاصه ان الطلاق لم يتم بشكل رسمي بعد فقد اثر ان يترك لها الحريه في تقسيم ممتلكاتهما ، كما تريد وراي الا يحادثها الان فقد كانت اخر شخص يريد ان يسمع صوته وهو علي هذه الحاله.. وتذكر قصة النداهه التي لطالما روتها له امه في صغره هل كانت جوليا هي هذه النداهه التي خطفته الي عالمها البعيد المسحور الذي غشيت اضواؤه الباهره بصره وقلبه فضاعت منه ذاكرته لسنوات وسنوات.....ووجد نفسه امام غرفه العنايه المركزه فبحث بعينيه عنها فلم يجدها فتسرب رعب الي نفسه واسرع الي الممرضه المسؤله يسالها عن فتاته محاولا اخفاء انفعاله فطمأنته ان مريضته تحسنت حالتها وتم نقلها الي غرفه عاديه.واسرع يحث الخطا اليها فلم يعد واثقا من ان الغد سيمهله المزيدمن الوقت ليضيعه ودلف الي الغرفه وقد عاد اليها وعيها وان بدا وجهها ذابلا وخفت بريق الحياه في عينيها وبدا من نظراتها انها تعرفته رغم مرور السنوات بهما.
-انك تشبه شخصا كنت اعرفه في الماضي؟
-بل انني هو..ويا ليتني لم اكنه..
-اذن فقد دلني قلبي العليل علي مكانك اخيرا..الم اخبرك دائما انني لن اموت الا بين ذراعيك؟؟؟
-لا ليس ثانيه.ربما اضعتك في الماضي ولكن ليس مجددا ساستبدل هذا القلب الذي قتلته باخر لقد قمت بهذه العمليات مرارا و..
-قاطعته في وهن
-اتريد ان تنتزع قلبي من صدري لتمنحني اخر ليس ملكي؟؟
-انك لا تفهمين انا...
وضعت يدها علي فمه لتسكته
-دعني انظر اليك فقد اوحشتني وتاملته للحظات وابتسمت ثم اسبلت جفنيها فظنها تستريح لكنه شعر بحراره انفاسها علي وجهه قد انعدمت فاخذ يهزها في رفق فلم تستفيق من ىرقدتها فاخذ يضرب بكلتا يديه علي صدرها لكن قلبها رفض ان يطاوعه للمره الاولي في حياتهما معا وشرع يصرخ باسمها ولم يدر متي اخذوها منه ومتي افترق عنها كانما سقط غريقا في بحر الزمن.


وفي ذلك اليوم اتصل بصديقه ليعطيه مفتاح شقته ، وقد جمع حاجياته في حقيبه صغيره وسأله صديقه في شفقة:

-"إلي اين يا احمد؟"
-"إليها ان موعدنا هناك"

فظن صديقه به الظنون، وحاول ان يثنيه عن الرحيل الا ان احمد تركه ، وقد بدا في عينيه شوق المحبين.

صعد احمد درجات السلم في لهفه. واتجه الي غرفه السطح ، وفوجئ باسمه مكتوب علي باب الغرفة:
(عياده د/احمد سعيد)
وتساءل في نفسه اتراها لم تفقد الامل في عودته؟
اتراها كانت تقرا الغيب؛ فعلمت اني عائد اليها لا محاله؟...

تمت بحمد الله
صورة
لوسفير
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 174
اشترك في: 09 فبراير 2009, 2:57 am
Favorite Quote: لا حياة بدون يأس ولا يأس بدون حياة (وعجبى)

Re: طيف من الماضي

مشاركة بواسطة لوسفير »

يبد انكى متعايشه مع التجربه او القصه بشكل جيد ربما سوف تكتبين شئ فى المستقبل يكون على انظار الناس كلها ....لذا تقبلى تحياتى لثالث مره....وحقا اريد منك الاستمرار يا دكتوره
صورة العضو الرمزية
Ghadat2009
مشرفة قسم الكتابة
مشاركات: 1481
اشترك في: 02 فبراير 2009, 12:00 pm
Real Name: غادة يسري
Favorite Quote: كن جميلا ..... ترى الوجود جميلا :)
verification: ID verified and trusted writer
مكان: مصر الجميلة

Re: طيف من الماضي

مشاركة بواسطة Ghadat2009 »

صديقتي المصرية ...أولا : أرحب بك في بيتك الأكاديمي صورةصورة

أما ثانيا : فقد استمتعت فعلا و أنا أقرأ قصتك المؤثرة الجميلة ...أسلوبك جميل جدا منذ الحرف الأول و حتى النقطة الأخيرة ..مشوق و بارع .. و الزمن يتحرك ما بين الماضي و الحاضر بسلاسة بالغة !
أتمنى أن أقرأ لكِ الك المزيد قريبا
سلمت يداكِ صورةصورة
صورة

.
.
.
[highlight=#ffff40]*** لــزيارة صــفـــحـــتــي *** [/highlight]
تنهيدة
مشرفة قسم أدب الأطفال
مشاركات: 1291
اشترك في: 04 نوفمبر 2008, 3:01 am
Real Name: نهاد نعمان
Favorite Quote: لوسرقت منا الأيام قلباً معطاء بسام لن نستسلم للآلام ...لن نستسلم للألام .....
verification: ID verified and trusted writer
مكان: بنت مصر

Re: طيف من الماضي

مشاركة بواسطة تنهيدة »

صورةجميلة جدا يارانيا بجد رائعة أسلوبك فى منتهى الروعة والرومانسية ...ولكن دائما رومانسية حزينة ...كلماتك تأخذنى معها فى داخلها لأتشوق أكثر لقرأت أحداثها بمنتهى اللهفة ...
فكرة القصة جميلة ..وأسلوبك أعطاها جمالا أكثر أحيكى واتمنى لكى مزيد من الكتابات الرائعة صورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
هبة خميس
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 175
اشترك في: 26 فبراير 2009, 9:59 pm
Real Name: هبة محمود خميس
Favorite Quote: قل لي من تعاشر اقل لك من انت فان من يقضي الليل في المستنقع استيقظ صديقا للضفدع
verification: ID verified and trusted writer

Re: طيف من الماضي

مشاركة بواسطة هبة خميس »

الصديقة المصرية
قصتك ابكتني فعلا صورة
حساسة و رومانسية قويصورة
اسلوبك رقيق جدا
بس في الاول يعني ما اقتنعتش انه ماافتكرهاش الا لما سمع صوت والدتها
يعني ازاي الواحد ينسى اول حب ليه
دي حاجات مبتتنسيش اكيد
تحياتي
المصرية
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 412
اشترك في: 09 ديسمبر 2008, 2:33 pm
Real Name: رانيا حسن
verification: ID verified and trusted writer

Re: طيف من الماضي

مشاركة بواسطة المصرية »

اولا انا متشكرة ياهبة عل رأيك الجميل وان أسفة على دمعك الغالي وهو ما عرفهاش لاني لم يهتم بالنظر جيدا اليها لانها بالنسبة له مجرد حالة ,كمان هو استبعد ان يلتقيها على هذه الحالة بعد سنوات الفراق .
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”قصص فصحى“