الشهر التاسع, حرية (قصة قصيرة), المركز الأول: إيناس حليم

[إيناس حليم]

مسابقة الشهر التاسع - 2009

مجال القصة القصيرة

بعنوان

(حرية)

المركز الأول

إيناس حليم

***

تستيقظ من فراشك كعادتك في الرابعة والنصف عصرا.. تزيح الغطاء عنك في هلع وتتجه بسرعة غريبة إلى نوافذ غرفتك.. تتأكد من إحكام غلقها جميعًا واسدال ستائرها الارجوانية القاتمة من قماش القطيفة..
فقط شعاع واحد استطاع أن يتسلل عبرهم إلى أرض الغرفة ليكون خطًا طوليًا من ضوء خافت انعكس جزء منه في مرآتك.. ليريك مدى شحوب وجهك.. ودمامة قسماتك..
شعاع خافتٌ جدًا..
لكنك تحاول الابتعاد عنه قدر المستطاع..

تقف أمامها لمدة الساعة والنصف.. تتأمل تلك البشرة ناصعة البياض كما الورقة، وذلك الشعر البرتقالي المائل إلى الصفار ورموشك التي اصطبغت بنفس اللون تقريبًا لتصوغ إطارا باهتا لعينين زرقاوين.. خاليتين من أي معنى..
تمتد أصابعك البيضاء إلى وجه المرآة محاولة التعرف على ملامحك.. يتملكك شعور غريب بالانفصام.. تتقمص دور صبي غجري أسمر ذو شعر فاحم ورموش سوداء كثيفة تزهو بها زرقة عينيك..

أمهق..
تشعر بالمرارة كلما تذكرت تلك الكلمة التي نعتوك بها منذ الصغر.. تتذكر أقرانك في المدرسة ذات الفترة المسائية حيث كنت تنتظر الغروب كي تذهب إليها.. تتذكر تفاصيل أول يوم لك في الفصل رغم مرور زمن عليه..
تتذكر أيضا تلك النظرات والهمسات والضحكات المكتومة التي لا تُخبر إلا بأنك جسم غريب دخل عالمًا لا يستوعب كثيرا الغرباء..

ترضى أحيانًا.. وتحزن في معظم الأحيان..
تمقتُ ذلك الميلانين الذي تفتقد إليه وراثيًا بشكل مبالغ فيه يجعلك تهلع من مجرد فكرة الاحساس بالشمس..

مسكينٌ أنت..
تُقر بأن معاناتك النفسية لا يتفهمها غيرك.. تتعذب بتلك الروح المغلفة بالاحساس بالنقص.. تتخذ من الشمس عدوا.. ومن الليل حياة.. ومن الظل مأوى وسجنًا..

مسكينٌ أنت..
أسير لخوفك.. وضبابات مرآتك..
وحلم قديم باحتضان الشمس..

تمر عبر خاطرتك أيضًا أيامك الجامعية وتجنبك لحضور المحاضرات النهارية.. واكتفائك بتصويرها من الزملاء..
الزملاء.. مشكلة عانيتَ منها كثيرا ربما بفضلهم..
وربما بفضلك...

تفيق من بحر شرودك وتأملاتك وذكرياتك وتبتعد ببطئ عن المرآة.. تضيئ أنوارك "النيون" وتتجه إلى الحمام ثم تخرج لترتدي ملابسك الأنيقة وتترك جدران المنزل الموحش بأفكارك..
كي تبدأ مساء يوم جديد..

تقف أمام ذلك الباب الزجاجي للفندق الذي تعمل به كمحاسب محترف - يشهدون لك بذلك رغم تعجبهم لانطوائيتك -..

يتسلل شدوٌ ملائكيٌ جديدُ الوقع على سمعك.. يُخبرك أحد العاملين أنها "السوبرانو" الجديدة من معهد الموسيقى..
تتجه ببطئ إلى صالة الاستقبال لتراها.. جميلة خمرية البشرة.. شعرها كستنائي طويل ينسدل على كتفيها ويمتد إلى نصف ظهرها.. ترتدي فستانًا أسودا مكشوف الذراعين.. تقف في المنتصف وحولها مجموعة من العازفين يرتدون بِدلاً سوداء أنيقة ويصوغون مع ملائكية صوتها لحنًا استطاع أن يعطر المكان ويستثير كل من حوله..
كما استثارك..

تنهي فقرتها فيتبعها تصفيق حاد.. يتجه أحدهم إليها ويقترب منها في ثقة.. تلمحها أنت من بعيد.. تراه يمسك ذراعها بحنو واضح وتمشي معه باستسلام تام..
تنظر إليها في صمت..
تتسلل إلى مشاعرك نشوة حذرة.. تجعلك تسير خلفها من بعيد فتلمحها تتجه إلى الغرفة المخصصة لتغيير الملابس.. تنتابك رغبة قوية بالتخلي عن حذرك والاستعداد لتحمل تلك النظرة.. التي تمقتها منذ زمن..
فقط نظرة منها تكفيك.. وإن آلت بعدها إلى الأرض..

تقف خلفها مباشرة.. خائفا.. مرتبكًا.. مستكينًا..
تشعر هي بحرارة لأنفاس خلفها فتستدير لتكتشف كنهها..
تستسلم أنت لعينيها.. ولأول مرة.. لا تؤول نظرة أحدهم بعدك إلى الأرض..
أو أنها في الواقع لا تؤول إلى شيئ..


ضريرة.. نعم إنها ضريرة.. ولكنها تبتسم..
تحيا في الليل الدائم الذي تمقته أنت.. ورغم ذلك تبتسم..

منذ ذلك اليوم وأنت تجوب معها كل الشوارع والنوادي والمسارح.. تستمتع معها بالمساء بكل نجومه وأقماره ونسماته..
تستمتع كثيرا.. وتحبها كثيرا.. تشعر معها بالاستغناء عن الأصدقاء.. وعن العالم..
وعن الشمس..
ولأول مرة منذ سنوات.. تبتسم من كل قلبك..
ولأول مرة منذ سنوات.. تشعر بمعنى جديدا..
لأن تكون حُرا..

[السيد فهيم]

أولا : رمضان كريم ... ثانيا : ألف مبروك علي الفوز بالمركز الأول .. تستحقين ذلك بجدارة ودون تحيز أو مجاملة . ثالثا : أحييكك بشدة علي أسلوبك المتميز وفكرك الانسانب الراقي والرائع ... عبرت عن هذا الانسان الذي هو في حقيقة الأمر واقع تحت أسر مظهري أجبره عليه القدر فأضحي حبيسا رغم عنه بل مدفوعا رغم أنفه لعداوة أبدية مع الدفئ والنور متمثلا في نجمنا الأعظم الشمس ... جميل أن تكون لديه الرغبة في التحرر لكنه في النهاية لم يجد حريته إلآ في ظلام عين محبوبته ليصبحا حليفي صديق واحد ألا وهو الظلام ... كنت أتمني أن تكون المحبوبة مبصرة ومرآتها هي العمياء ، فلا تري لون بشرته أو صبغ شعره وانما تري رقة احساسه وجمال طبعه ... كان أجمل لو ارتأت حبه فتجاوزت عن قيد مظهره لتحرره بالفعل حرية ما كان يحلم بها ... بالطبع كل هذا الكلام لقوة تأثير القصة ولبهاء فكرتها ..ز أشكرك علي هذا المستوي الرائع الذي أضاف الينا والي أكاديميتنا العظيمة.
السيد فهيم

[ايمان التونسي]

الف مبروك يا ايناس القصة حلوة اوي واستخدام الالفاظ حلو كمان
بس مش لاقية حرية في ان انسان بيخاف وانطوائي يميل لإنسانة مش محسساه بنقطة ضعفه بيهرب من اكتشافه خوفه دي مش حرية
ده ند لسيكولوجية البطل مش للعمل العمل موفق ما شاء الله

[إيناس حليم]

السيد فهيم

زميلي العزيز المبدع
اولا رمضان كريم وكل سنة وحضرتك طيب وبخير وصحة وسعادة..
ثانيا الف مبرووك لحضرتك على المركز الثاني الذي تستحقه بالتأكيد لما ألفناك عليه من رقي في الكتابة لغة،واسلوبا، وفكرا.. وان كنت اتمنى ان اقرأ القصة الفائزة كي اتمتع بها ولكن فيه مشكلة عندي في الرابط مش عارفة ايه سببها مش راضي يفتح خالص..

بالنسبة للنقطة اللي حضرتك أشرت إليها في قصتي.. انا مكنتش اقصد انه وجد الحرية في ظلام محبوبته..لكن هو حس بالحكمة الالهية والعدالة السماوية لما لقى ان الظلام اللي هو بيكره فيه غيره عايش فيه علطول ورغم كدة راضي وسعيد ومبتسم.. وممكن يكون قابل الناس دي في حياته كتير بس دي الانسانة الوحيدة اللي اثرت فيه عشان هو حبها..
يمكن انا اشرت للنقطة دي او الهدف من القصة بسرعة بس انا حسيت ان اشارة بسيطة كانت تكفي لتوصيل المعنى اللي اقصده ومتوقعتش ان الامر يختلط والهدف ميكنش واضح..
ساعات احنا نفسنا بيبقى عندنا نقص في شيئ معين في حياتنا او نفوسنا وفيه مليون حاجة حوالينا بتقولنا انتو غلطانين،مش لازم تحسه بالنقص ده،فيه غيركم في وضع اسوء وراضي ومبتسم.. بس احنا مبنشوفش ومبنقتنعش الا في وقت معين يريده ربنا ..

ارجو عزيزي اني اكون وفقت في شرح وجهة نظري..
ومرة تانية الف مبروك على الفوز وكل سنة وحضرتك بألف خير
ورمضان كريم

[إيناس حليم]

ايمان التونسي

شكرا لكِ عزيزتي وكل سنة وانتي طيبة
بالنسبة للنقطة اللي حضرتك والسيد فهيم اشرتم ليها.. ارجو منك قراءة تعليقي على السيد فهيم عله يوضح تلك النقطة..
وسأضيف..

"ضريرة.. نعم إنها ضريرة.. ولكنها تبتسم..
تحيا في الليل الدائم الذي تمقته أنت.. ورغم ذلك تبتسم.."

الجزء ده انا مكنتش اقصد اقول فيه بس انها ضريرة فمش هتشوفك ومش هتشوف عيبك اللي انت شايفه وخايف منه ومحسسك بالنقص.. انا أشرت لابتسامتها اللي هي كناية عن سعادتها رغم انها ضريرة ورغم الحاجة اللي نقصاها..
الانسان ده ادرك في اللحظة دي قيمة ومعنى الرضا.. ده غير السعادة اللي شعر بيها بسبب الحب اللي جمعهم..
وبالنسبة للنقطة اللي اشرتي ليها في سيكلوجيته وعلاقتها بالحرية.. انا هنا بكتب قصة بوصف فيها مشاعر الانسان ده مش حكمي انا عليه اذا كان ده صح ولا لأ وان كان احساسه بالحرية ده حقيقي ولا عيب في سيكلوجيته.. انا حاولت اني احط نفسي مكانه واوصف مشاعره على قد ما قدرت.. حتى لو كانت المشاعر دي مزيج من مشاعر كتير، رضا وحب وعدم احساس بالنقص..

ارجو ان تكون النقطة اللي عايزة اوصلها وصلت وعرفت اقنعكم بيها ولو 50%

واشكرك عزيزتي للمرة التانية وكل سنة وانتي بألف خير وصحة وسعادة

[Ghadat2009]

زميلتي المتميزة إيناس ..ألف مبروك الفوز

قصتك بأسلوب المخاطب هذا جعلتني أحس بمشاعر البطل و بقيوده التي فرضتها عليه طبيعته و التي لا يد له فيها ... و بعقدة النقص لديه و التي يستسلم لها و يعاني منها طوال حياته ... و طوال القصة توقعت أن يتحرر منهال بشكل أو بآخر ليتذوق طعم الحرية أو التحرر من انطوائيته و بعده عن كل الناس و انعدام ثقته بنفسه ... لكنه عندما قابل المطربة العمياء ..شعر بأنه في نعمة مقارنة بها ..و بأنه أفضل حالا منها ..و هنا وصلني الشعور بنوع من الرضا أو القناعة أو حمده لله على نعمه عليه ...لكن لم أستشعر الحرية ..و خاصة أنه أخذ يمضي معها أوقاتا لا تزال أسيرة القيود التي لا يزال يعاني منها ... فهو لم يختلط بالناس و لم يواجههم بابتسامة كما تفعل هي ..و بمعنى آخر هو لم يتخلص من قيوده في الحقيقة ...و انما هو رضي بها ووجد من تشاركه هذا الرضا و القناعة


و بعيدا عن القصة و معناها ...فأسلوبك ممتع و مختلف و يشجع على المتابعة لمعرفة النهاية ...كما أن أبطالك و أفكارك عادة ..غير تقليديين و هذا أمر متميز حقا

فإلى المزيد من الإبداع و التميّز ...و كل عام و انتِ بخير ....رمضان كريم

[سندريلا]

مبروووووووووووووووووووووووووووووووووووك

الف مبروك يا انوسة و لو انها جاية متاخرة ...

بس فعلا قصتك جميلة جدا و انا مش عارفة اقولك ايه من كتر ما مدحت اعمالك اللي قريتها من قصة ( نصف وجه ) ل ( وثبا نحو الأحلام ) ل ( احتفال ) ل ( فبكت ) شفت انا حافظة اعمالك ازاي ..........

بس فعلا انت كاتبة متميزة اتمنى لك دوام النجاح و التوفيق

[محمد محمود]

أختي العزيزة إيناس حليم
كل عام وانت بخير وسعادة ورمضان كريم
تهنئة فياضة على فوزك المستحق بالمركز الأول
فأنت دائما ما تمتعينا بأسلوبك الراقي وما تحويه كتاباتك من فكرة ومعنى نبيل في كل عمل
وبالفعل جاءت قصتك كالعادة وكما هو ظننا بك دائما معبرة و جميلة
تحياتي لك وتمنياتي بالتوفيق الدائم