الشهر الثانى , القصة القصيرة , المركز الأول: رانيا حسن

لوحة شرف الأعمال الفائزة فى مسابقة (مصر بتكتب إيه؟) للعام الأول , منذ بدايتها رسميا فى 11 نوفمبر 2008 وحتى تاريخ 11 نوفمبر 2009
قوانين المنتدى
لوحة شرف الأعمال الفائزة فى مسابقة (مصر بتكتب إيه؟) للعام الأول , منذ بدايتها رسميا فى 11 نوفمبر 2008 وحتى تاريخ 11 نوفمبر 2009
أضف رد جديد
المصرية
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 412
اشترك في: 09 ديسمبر 2008, 2:33 pm
Real Name: رانيا حسن
verification: ID verified and trusted writer

الشهر الثانى , القصة القصيرة , المركز الأول: رانيا حسن

مشاركة بواسطة المصرية »

صورة
مسابقة الشهر الثانى - 2009

مجال القصة القصيرة

المركز الأول
(رانيا حسن)

اسم العمل الفائز
(اللقاء الأخير)

***
ارتفع صوت البكاء من حوله، ووجد دموعه تغلبه وقدميه تتخلى عنه وبدا كأنه يشاهد حلما،ً وتوقع أن يستيقظ في أي لحظة.. ولكن شيئا لم يحدث وكأن الزمن قد توقف عند مشهد المقابر والنسوة اللواتي يرتدين السواد وبدأ صوت المقرئ كأنه قادم من بعيد.. ثم أظلمت الدنيا من حوله ليفتح عينيه مرة أخرى ويجد نفسه في سيارته وحوله اثنين من أصدقائه ترتسم على وجهيهما علامات القلق
-
هل أنت بخير يا حسين؟
-
نعم أنا بخير.

-
لقد قلقنا عليك كثيرا..يجب أن تتماسك قليلاً

-
سأحاول بإذن الله.

وأوصله أصدقائه إلى المنزل، ودخله لأول مره بعد رحيلها.. ووجد كل شيء في مكانه كما تركته، وتنسم عطرها في كل مكان من الشقة، وخيل إليه انه يستمع إلى صوت ضحكاتها تتردد من حوله.. وعندما خلد إلى سريره شعر به دافئاً كأنها لا تزال هناك.. وتسلل النوم إلى عينيه بعد أن أنهكهما البكاء وطول السهر..لم يدري كم مضى عليه نائماً إلا انه عندما فتح عينيه شعر بالألم يعتصر قلبه؛ هذا نهار آخر يقبل عليه وهي ليست معه وشعر انه يمثل دوراً في مسرحية درامية وانه شخص آخر ..حتماً سيغلق الستار في أي وقت.. وسيعود إلى حياته الطبيعية ، سيزول الحزن من قلبه وتجد البسمة طريقها إلى وجهه ، وسيستمع لأصوات الجماهير تهلل وهي تمسح دموعه، وتوضع كلمة النهاية.. لكن ما هذا الذي تحدث به نفسه انه ليس ممثل وحياته ليست مسرحا..ً انه يعيش واقعاً قاسياً لن ينجح أي كاتب أن يجسده مهما حاول وانتبه فجأة انه يسمع جلبة قادمة من داخل الشقة ورجح انه فأر شريد ضل طريقه إلى مطبخه.. وقام من سريره متحفزا.. فإذا به يسمع صوتاً حبيب إلى نفسه يدندن لحناً شهيرا:
أنا بعشق البحر زيك يا حبيبتي حنون
وساعات زيك مجنون مهاجر..مسافر
وساعات زيك زعلان.. وساعات زيك فرحان
أنا بعشق البحر

ولم ينتظر حتى يسمع باقي اللحن، فاقتحم المطبخ ولاببببببوجدها أمامه تقف على الحوض تغسل الصحون كعادتها عندما تستيقظ مبكراً فأسرع إليها وهو لا يصدق نفسه، وشرع يحدق في وجهها، وأحس انه لم يرها بمثل هذا الجمال من قبل؛ كانت تبدو كما لو أنها عروس؛ في عينيها لمعة وعلى شفتيها أرق ابتسامة.. ونظرت هيله في دهشة وسألت:
-
ما بك اليوم ؟
-
أو حشتنني جدا.. لقد رأيت حلماً مفزعاً ولكن الحمد لله كان مجرد كابوسا

وكان يلهث وهو يحدثها فوضعت إصبعها على شفتيها لتسكته، وسمحت بيدها على شعره لتهدئ من روعه:
-
أنا الآن معك ولا شيء يمكن أن يفرقنا.
-
سآخذ اليوم أجازه بل الأسبوع كله..أريد أن أشبع منك..

-
يكفيني اليوم فقط، ودع الغد لوقته..

وأسرع يتصل بالهاتف، ويطلب الأجازة.. لم ينتظر ليسمع الرد وأغلق الخط وطلب منها أن ترتدي ملابسها ليخرجا للتنزه معا:
-
إلى أين تريدين أن تذهبي ؟
-
إلى أول مكان شهد لقاءنا..

-
إذاً إلى البحر..

وأسرعا معه يغادر البانية وهي تتأبط ذراعه..ألقى على البواب التحية في مرح، ونظر له الرجل مندهشاً..قاد السيارة إلى الشاطئ، وجلس معها على البحر، وتحكي له ويحكي لها.. وبدا كما لو أنهما استرجعا سنوات عمريهما القليلة التي قضياها معا، وسار بها إلى المطعم الصغير على الشاطئ والذي اعتادا أن يأكلا فيه ،وطلب لها الأسماك التي تحبها..لكنها جلست تتأمله في شوق ولاحظ أنها لم تقرب طعامها:
-
لماذا لا تأكلين ؟
-
لست جائعة..

-
لكنك تعشقين الأسماك..

-
بل أعشقك أنت..

وهنا توقف عن الأكل، ونظر في عينيها ولمح دموع حبيسة؛ تلمع كاللؤلؤ؛فأمسك بيدها بين يديه، وذاب في لجة عينيها.. وبدا وكأن الزمن يجود لهما بأسعد لحظات حياتيهم..ا ومضى اليوم واتى الليل، وهما في حالة من النشوة.. وأفاقا على صوت النادل يطلب الحساب.. وعادا إلى البيت وأويا إلى الفراش..واقتربت منه وفي يدها وردة أوشكت على الذبول:

-
"هذه وردة أحضرتها إليك منذ يومين.. لكن الوقت سرقني ولم أستطع أن أعطها لك إلا الآن ..أعذرني فقد مالت إلى الذبول.."
-
"مهما ذبلت الوردة فرائحتها تبقى .."



-




"تصبح على خير يا أحب الناس.."

وأغمض عينيه وسبح في نوم لذيذ..حتى داعب نور الصباح جفونه..فأستيقظ ولا تزال ابتسامة الرضا مرتسمة على وجهه..ونظر بجواره فلم يجدها..فأسرع المطبخ ينادي باسمها..لكنها ليست هناك أيضا..وسمع جرس الباب يرن فأسرع يفتحه، وهو يهتف باسمها..وطالعه صديق له على وجهه ملامح الحزن..صافحه وشد على يده:
-
"البقاء لله.."
-
"فيمن؟"



-




"زوجتك.."



-




"ماذا تقول؟..زوجتي كانت معي حتى الأمس..وهي حتما عند والداتها..وستعود في أي وقت.."



-




"لكنها ماتت منذ يومين.."



-




"يومين.."

وأسرع إلى الهاتف يتصل بأم زوجته:
-
"أين منى؟..هل هي عندك؟"
-
"منى!!!"

وانخطرت في البكاء..فانقبض قلبه وأسرع يغلق الخط، وترك صديقه يقف حائرا لا يدري ما يفعل..لم هو يكترث له واتجه إلى سيارته ينهب الطريق إلى الشاطئ..حتما النادل راءها معه بالأمس..لمح الفتى الذي يريده، وأسرع إليه في لهفة:
-
"هل تذكرني؟..أنا كنت هنا بالأمس ومعي تلك السيدة"
-
"نعم يا سيدي أذكرك..لكني لم أر أي سيدة.."



-




"تلك التي كانت تجلس معي طوال الوقت؛ تحدثني وأحدثها.."

نظر له النادل في شفقة:
-
"معذرة يا سيدي لكنك كنت تحدث نفسك طوال الوقت"
وأسقط في يده، وعاد إلى المنزل حزينا، وتذكر الوردة التي مالت إلى الذبول..فأسرع إلى غرفة نومه ووجدها تحت الوسادة..وهنا أدرك أنها عادت من اجله فقط؛ لتودعه الوداع الأخير وتمنحه هدية حب لم يمهلها القدر لتعطيها له..لكن الله كان رحيما بهما وكتب لهما هذا اللقاء الأخير..
***

الرابط الأساسى للعمل فى الأكاديمية:
اللقاء الأخير

***
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”الأعمال الفائزة عن العام الأول للمسابقة 2009“