صفحة 1 من 1

الشهر الرابع , لقاء (قصة قصيرة) المركز الأول: هبة خميس

مرسل: 22 ديسمبر 2009, 7:20 am
بواسطة هبة خميس
صورة
مسابقة الشهر الرابع - 2009

مجال القصة القصيرة

بعنوان

(لقاء)

المركز الأول

(هبة محمود خميس)

***


ليله مطيرة باردة من ليالى الشتاء
تمر على هذا الجسد الهش المستكين... تخترقه البرودة كأنها اسياخ باردة تخترق جسمه وتسرى فى اوصاله
الرعشه تمنعه من التجمد...
يحاول ان يلملم شتات جسده ويضم ملابسه التى تشبه الخرق الباليه حول جسدة المنهك
يحاول ان يزكر متى كانت اخر مرة شعر فيها بالدفء؟؟؟
يحاول ويحاول ، ولكنه لايستطيع
الشعور بالنعاس يغلب عليه على الرغم من البرودة
استسلم للنعاس اخيرا وهو يتمنى ان تغلبه البرودة هذه الليله فلا يصحو من نومه ابدا"
فتى في السادسه من عمره هو . يمتلك جسدا "هزيلا" يشف صدره عن عظام بارزة اما ارجله فهى تشبه المسمارين الرفيعين ....
تلمع خصله ذهبيه بين شعيرات راسه المتسخ وتطل اعينه الخضراء من وجهه المتوحل
منذ ان فتح اعينه على الحياه لم يجد له اهلا " واما " وابا "... لم ينطق بهذه الكلمه طوال حياته .... لم ينطق بهذه الكلمه طوال سنوات عمره القليله
منذ طفولته ينتقل بين يدى البائسات امثاله من بنات الشوارع يأخذنه لكى يستعطفن به الماره لتزيد حصيلتهن قروش قليله
قيل ان والدته واحده من بنات الشوارع تركته لانها لم تستطع تربيته ...
القته مثلما تلقى بالمهملات التى لاتحتاجها
الشئ الوحيد الذى كان يتوق اليه طوال حياته هو الحنان ....لم يكن الجوع ، فهو قد اعتاد الشعور بالجوع
لقمه بسيطه تسد رمقه
اما تعطشه للحنان فلم يشبعه اى شئ
.......
استيقظ الطفل من البرودة فى الثامنه صباحا" ، ثم انتقل الى بقعه من الرصيف بعينها حتى يغمره ضوء الشمس
جلس يرمق الماره مثلما يفعل كل يوم
لم تفلح محاولاته لاستعطافهم ابداااا"
كانوا على عجله من امرهم ، لم يلتفتوا حتى اليه وكأنه فراغ لاينظرن اليه ابدا"
اثناء تقلب نظراته بين المارة لمحها قادمه من بعيد تشبه والدته فى احلامه ...والدته التى لم يرها ابدا"
ترتدى معطف من الصوف تتدثر به من شدة البرد بينما يلتف حجابها فى اهمال حول وجهها ، ترتسم على وجهها نظرة بائسه
تسير مسرعه الخطى لتأخرها عن عملها ، واضعه صورة مديرها فى العمل امام عينيها ملوحا" لها بسيل من التهديد و الوعيد
وحيدة هى منذ عدة سنوات عندما رحل عن الدنيا اخر من اغمرتها بالحب والحنان .....والدتها
اما والدها توفى وهى طفله صغيرة .... لاتذكره ابدا"
ترى فى نفسها مثال للبؤس والشقاء على الرغم من انها فى الثلاثين من عمرها الا انها تبدو وكأنها عجوز....
تمنت اشياء كثيرة لم تتحقق
تمنت ان تعيش والدتها معها ابدا.......
تمنت رجلا" يحبها ويغمرها بالحنان ولم تتحقق....
تمنت الامومه وهى حتى لم تتزوج
تحتاج للحنان اكثر من اى شئ... تحتاج الى الحنان ولو كان للحظه
اثناء شرودها تعثرت قدماها فى شئ على الرصيف ، فوجئت به طفل صغير
لمحت خصله ذهبيه بين شعيراته تنسدل على وجهه تختبئ تحتها عينان خضروان متعطشان للحنان
شعور داخلى يدفعها الى العطف على هذا الطفل المسكين
تلاقت اعينهما البائسه فى نظرة طويله ... قالت الاعين للاعين كل شئ
وجدت يداها طريقا الى ايدى الطفل الصغير... لتربت عليها فى حنان
ابتاعت له بعض الحلوى ... ثم اخرجت من حقيبتها المتهالكه ورقه نقديه دستها بين يديه
مررت بيديها فوق خصله شعرة الذهبيه وملآت عينيها بحلاوة عينيه الخضراء
ثم افترقت اليدان المتشابكه مع وعد صامت باللقاء تانيه
***************
فى نفس المكان ولكن فى زمان اخر ... فى الساعه السابعه صباحا" يحدث نفير سيارة فارهه... جلبة توقظ النيام
تتوقف السيارة فجاة ...... بجانب الرصيف .....ينزل منها شاب وسيم يرتدى معطف غالى الثمن
رائحته عطره تملأ رئة الشارع ....
من بين شعيرات رأسه البنيه تملح خصله ذهبيه تتدلى فى اصرار على عينان خضروان
يقف الشاب بجوار سيارته منتظرا" دقات الساعه الثامنه فى لهفه.....
يتوجه الى بقعه معينه من الرصيف يغمرها ضوء الشمس الذى يعطيه شعورا"بالدفء فشل معطفه الغالى فى ان يمده به
عند دقة الساعه الثامنه ...رأها قادمه من بعيد من حلت محل والدته فى احلامه....
ترتدى معطف بالى من الصوف تتدثر به من البرد
بينما يلتف حجابها فى اهمال حول وجهها البائس الذى نجح الزمن فى رسم خطوطه وتضاريسه فيه
حتى يهيأ لك ان وجهها اصبح كالكره المنكمشه المليئه بالتجاعيد
تسير بخطى متثاقله على ارجل لم تعد تتحمل العمل
مازالت تبحث بأعينها فى اصرار عن طفل فى السادسه من عمره ....لاتعلم ان الزمن تغير
تلاقت اعينهما فى نظرة طويـــــــله
قالت الاعين للاعين كل شئ...
مدت يدها تمررها فوق خصله شعره الذهبيه وملآت عيناها بحلاوة عينيه الخضراء
وجدت يداها طريقا" الى يديه لتتكيء عليه
اخذ بيديها وادخلها السيارة وانطلق بها ...يحدث جليه توقظ النيام
ولم تفترق اليدان المتشابكتان أبــــــدا"

............