مجال المقال
المركز الأول
(هبة الله محمد)
عن مقال
(خلف الستار)
***
هناك قصة طريفة عن سلسلة رومانسية تكتبها أديبة ذات اسم رقيق موسيقي..قد لاقت السلسلة الكثير من الإعجاب والتقدير حتى أنها فازت بإحدى الجوائز الهامة.
وفي يوم استلام الجائزة فوجئت الجماهير برجل ضخم الجثة، قوي العضلات يتقدم لاستلام الجائزة؛ فلقد كان هو نفسه مؤلفة القصص الرومانسية ، وقد كتب تحت اسم مستعار لامرأة!!
قضية الأسماء المستعارة التي يستخدمها الكتاب قديمة جدا ولكنها لا تزال مطروحة بقوة وربما بشكل جديد هذه الأيام..
أيهما يفضل الأديب الاسم المستعار أم الحقيقي؟.. ولماذا قد يختار الأديب اسما مستعارا من الأصل؟
أما الإجابة عن السؤال الأول فهي أن الموضوع يختلف من كاتب لآخر وإن كانت الأغلبية تفضل الاسم الحقيقي خاصة في حالة تحقيق نجاح لأن الطبيعة البشرية لا تحتمل أن تنجح، بينما يتمتع شخص لا وجود له بالشهرة وثمرة هذا النجاح..!!
أما الإجابة عن السؤال الثاني فسنجد أن هناك عدة أسباب ونوازع مختلفة قد تدفع الأديب إلى هذا؛ فمثلا في القصة التي ذكرتها في البداية؛ وجد الأديب أن القارئ لن يتفاعل مع رجل يكتب بمثل هذه الرومانسية، فما بالك برجل له جسم لاعبي كمال الجسام..!!
وقد تكون النظرة صحيحة على الأقل من أحد جوانبها حيث يتطلب نجاح الرواية تماهي القارئ مع شخصية البطل؛ ويبدو أن كاتبا رأى أن هذا لن يكتمل إلا لو تماهى القارئ مع شخصية الكاتب نفسه!!
وبالمثل فإن المؤلف (إيلري كوين) هو في الواقع كاتبين وليس كاتبا واحدا، وقد آثرا استخدام اسم واحد لكليهما وجعلاه بطلا لكل القصص التي كتباها. وكان من المألوف أن نجد إحدى البطلات تهتف:
- "كم أنت رائع فاتن يا مستر كوين!!!"
هناك أيضا الكاتب الأمريكي الشهير (مارك توين) والذي يجد الكثيرون صعوبة في تذكر اسمه الأصلي (صمويل لانجورن كلمنص) أو حتى معرفته!!
ومن أدبائنا العرب الكاتب الشهير يحي حقي الذي كان يوقع مقالاته الأولى بأسماء مستعارة مختلفة أهمها (عبد الرحمن الجبرتي) إذ كان معجبا بهذا المؤرخ الشهير الذي سجل فترة من أهم فترات تاريخ مصر..
وتتخذ الأسماء المستعارة مساحة أكبر على صعيد الكتابات النسائية؛ فحتى فترة قريبة من بدايات القرن الماضي كان من الصعب أن يظهر اسم المراة الحقيقي دون أن يعتبر ذلك عارا يشين صاحبته وأسرتها..!!
وهناك الكثير من الكاتبات اللاتي اشتهرن بأسمائهن المستعارة؛ الآنسة مي (ماري إلياس زيادة)، باحثة البادية (ملك حفني ناصف)، بنت الشاطئ (عائشة عبد الرحمن)..
ولا ينبغي الاعتقاد بأن ذلك كان سائدا في الشرق فقط بل في الغرب كذلك فهناك الكاتبة الإنجليزية جورج إليوت التي وقعت كل رواياتها باسم زوجها للسبب ذاته!!
وفي النهاية تبقى عدة أسباب أخرى لاستخدام الأديب للاسم المستعار، منها كمحاولة للهروب من اضطهاد سياسي أو عدم الجرأة على مواجهة المجتمع بالأفكار التي يكتبها (ويتضح هذا بصفة خاصة في بعض أدباء الشبكة العنكبوتية) أو الشعور بان هذا يعطي حرية أكبر في النقد وتقديم الآراء دون الخوف من إفساد العلاقات أو المجاملات مع أشخاص آخرين.
أما عن كاتبة هذا المقال فإنها تفضل بالطبع استخدام اسمها الحقيقي؛ فليس من المعقول أن تبذل فيه كل هذا المجهود، ولا تراه ممهورا بتوقيعها!!