مع نهاية الرواية...
الإهداء الأول والواجب إلى ذلك المكان الذى سمح لنا بخط هذه السطور, وأعطانا الفرصة أنا وتنهيدة لكتابة الرواية دى مع بعض..لأن يمكن اللى كتير منكم هيستغربوه إننا مع كتابتنا لرواية سوا كفريق واحد وإحساس واحد, إنما ماعرفناش بعض إلا خلال الأكاديمية هنا, ومع بعدنا إحنا الأتنين عن بعض جدا فى المكان عبر أرض مصر بس الأكاديمية هنا جمعتنا فى حب الكتابة و كتبنا الرواية المشتركة دى..ومش بس كتابة جزء وجزء..لكن الجزء الأخير اللى هتقروه دلوقتى ده كاتبينه إحنا الأتنين مع بعض..فى فكر وإحساس واحد..وأعتقد ده ماكانش ممكن يحصل ولا كان ممكن نلتقى فى حب الكتابة ولا كان ممكن نعمل فريق ونكتب عمل إلا عن طريق المكان اللى احنا فيه ده..أكاديمية ايجيبت رايت الأدبية..وهذا اهدائى الأول...
إهدائى التانى لكل اللى علق على الرواية من بدايتها..وشجعنا لكتابتها وإكمالها..لكل شخص كتب تعليق ولو بمجرد الشكر على الرواية...وكنت أتمنى إن اللى حضروا بداية الرواية معانا يحضروا نهايتها لكن للأسف كتير منهم غايبين عننا..وإن شاء الله يرجعوا بالسلامة..ولجميع من ذكرت إهدائى التانى...
إهدائى الثالث..هو أهم إهداء..هتقروه بعد قراية أخر جزء...ودلوقتى قبل ما أسيبكوا مع الرواية حبينا نستخدم طريقة موسيقى تصويرية لأخر جزء من الرواية..و جبنا أغنية حسينا كلماتها متانسقة كلماً وإحساساً مع جو وفكرة الرواية كلها..ده اللينك لتشغيل الأغنية...
http://www.imeem.com/romancecity/music/ ... l_mohareb/" onclick="window.open(this.href);return false;
هتظهر الأعنية فى أول الصفحة وهتشتغل تلقائيا بس ياريت تقللوا الصوت لأن فيها موسيقى عالية فى الأول قبل الكلمات...
ودلوقتى أسيبكوا مع الجزء الأخير...من حب بلا وطن...
( حب بلا وطن )
الجزء السادس, والأخير
..
( الأجزاء السابقة )
الجزء الأول
الجزء الثانى
الجزء الثالث
الجزء الرابع
الجزء الخامس
" جاء اليوم الذى سأراكى ترفلين فيه يا ( مريم ) فى ذلك الثوب الأبيض... "
نظرت(مريم ) فى دهشة إلى حيث تشير أمها, وملأت السعادة قلبها وهى ترى ثوب الزفاف الأبيض الذى انتقاه لها يوسف قبل أن تسرع نحوه وهى تقول فى سعادة:
" لم أتخيل أنه سيحضره مبكرا هكذا...ياله من ثوب جميل..."
نظر إليها والديها فى سعادة قبل أن يقول والدها مداعبا:
" أحمد الله أن عشت لهذا اليوم يا ابنتى, لن أقلق إذا وافتنى المنية بعد اليوم..."
اقتربت مريم من والديها وجلست بينهم على الأريكة وهى تبسط رداء الزفاف أمامهم و تقول فى حنان:
" أطال الله فى عمرك يا أبى أنت وأمى لتريا أبناء أبنائى.. "
ضحك والداها قبل أن يقول أبيها مداعبا أياها مرة أخرى:
" عندها سنكون قد تعدينا عامنا المائة وخمسين..."
قطع ضحكاتهم تلك النغمة المميزة التى تسبق الأخبار العاجلة قبل أن يخرج المذيع دون أى مقدمات ليتحدث بلهجة تدل على خطورة الموقف:
"قامت كتيبة المقاومة حماس بإطلاق خمسة صواريخ على المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لغزة, وفى تطور خطير للأحداث أعلنت إسرائيل أنها ستقوم بالرد بكافة السبل لوقف إطلاق الصواريخ من حماس والذى قطع الهدنة التى استمرت لما يقرب من ستة أشهر بوساطة مصرية, ونتابع معكم تطورات الموقف..."
أنقبضت ( مريم ) عندما سمعت هذه الأخبار ونظرت الى أبيها قائلة ...
" إسرائيل تتوعد ياأبى ...بالرد بكافة السبل..."
رد الأب قائلا :
" قد تعودنا يابنيتى على هذه التهديدات ...نحن نعيش فيها منذ سنوات عديدة ..."
ردت ( مريم ) بصوتا مضطرب....
" ولكن أشعر يا أبى أن هذه المره ستكون مختلفة عن كل المرات السابقة ..."
رد الأب بصوتا هادىء ليخفف من أضطراب ( مريم ) :
" لا تخافى يا( مريم ) سيمر اليوم بخير, بإذن الله ياحبيبتى ..."
قالت ( مريم ) بصوتا زاد اضطرابه:
"ولكنى لست خائفة على هذا اليوم يا أبى....أنا خائفة على كل أهل القطاع...اسرائيل قوة لا تعرف الرحمة ...فهى دائما تريد ابادتنا ...ولن تتأخر لحظة عندما تتاح لها الفرصة... "
تدخلت أم ( مريم ) سريعا فى الحديث قائلة:
"أنهضى يا( مريم ) لتجهزى نفسك ...عندنا أشياء كثيرة لابد أن نقوم بفعلها وأنتى إذا تحدثتى فى السياسة لن تنتهى للغد ...أسرعى وارتدى فستان الزفاف لكى اراة عليكى ...وارى هل سيحتاج الى شىء أم لا ...أريد ان أراكى ياحبيبتى فى أجمل صورة ....."
أبتسمت ( مريم ) وأتجهت الى غرفتها وهى تحمل الفستان وتضمه الى صدرها ولكن الخوف لم يزل يلمع فى عينيها ....
..........
كان (يوسف ) قد أستيقظ منذ الصباح الباكر , ورتب جميع مستلزمات الزفاف ...وجهز الحجرة الذى سيعيش فيها هو و( مريم )...زينها بأجمل اللوحات التى كانت كلها لشخص واحد فقط هو ( مريم ).. ولكنه ترك مكانا وأحدا لم يضع به لوحة, تركه للوحة لم تكتمل , فقد كان مازال يرسمها , وهى صورة ( مريم )بفستان الزفاف ...ظل يرسم فيها وكأنه يرى (مريم ) أمامه ، ومر الوقت وهو مازال يرسم هذه اللوحة متخيلا صورة مريم عندما يذهب إليها اليوم ..رسمها وهى ترتدى فستانها الأبيض كبياض الثلج.. وتقف فى ظلمة الليل كأنها نجمة ساقطة من السماء تضئ كل ماحولها, وتشير الى القمر وكأنه يستمد نوره من نورها....ابتسم ( يوسف ) عندما رأى الصورة أكتملت بهذا المنظر الرائع وقال بصوت مسموع, محدثا الصورة:
" هذه اللوحة ستكون هديتك اليوم ياحبيبة العمر ....." قاطعت دقات الباب السريعة كلمات ( يوسف ) ...فوضع الصورة وذهب سريعا ليفتح الباب.....ليجد ( احمد ) واقفا ويظهر على وجهه علامات القلق و الأضطراب , ولكنه حاول ان يخفى أضطرابه بإبتسامته المعتادة وهو يقول مداعبا:
" أخيرا سنراك انت و ( مريم ) عروسان .."
لم يكمل ( أحمد ) كلامه حتى قاطعة صوت انفجارات تدوى فى جميع أركان المدينة....
____________
فى طرقات غزة, حل الدمار..بين الكنائس والمساجد أخذت القذائف تسقط بلاتمييز..وبلا شفقة أو رحمة..أخذت المبانى تتساقط..ورائحة الموت تتصاعد من بين أنقاضها..و أخذت الأرواح تصعد إلى بارئها..وكأنها مدينة للموت..
وبين القذف والدمار تسارعت خطوات ( يوسف ) مع الخطوات المسرعة والمهرولة خارج المدينة, وبين النيران والحطام أخذ ( يوسف ) عكس الجميع, يشق طريقه إلى قلب المدينة, يغلى الدم فى عروقه وهو يرى أهله, أهل غزة وهم يهرولون تحت قسوة القذف بعيدا على غير هدى وسط بكاء الأطفال وصراخ النساء.. تسارعت خطواته نحو بيت ( مريم ) ودقات قلبه تتسارع فى خوف عليها..أخذت عيناه تجوب الدمارفى طريقه..و ومرارته وغضبه يتصاعدان..و خوفه ورعبه على ( مريم ) يزداد كلما اقترب من بيتها أكثر..حتى وصل إلى هناك...وتسارع دقات قلبه وصل مداه..قبل أن يخفت فجأة هذا التسارع فى خطواته ودقات قلبه الذى يكاد يتوقف مما يراه...
............
كان مايراه ( يوسف ) فى تلك اللحظة يصعب على أى بشر إحتماله..تحركت خطواته مرة أخرى وإن تثاقلت فى يأس..وهو ينظر إلى الركام المتشابه حوله فى حزن..وميز بين أنقاض البيوت قبة بيتها..بيت ( مريم )..
تسارعت خطواته مرة أخرى هذه المرة فى لهفة..و الدموع تنهمر و تلهب عيناه..نظر بين الحطام وكأنه يبحث عن أخر أمل..وهناك رأى ما أنهى أمله كله فى لحظة..
من بين الأنقاض..ظهر جزء من ذلك الفستان الأبيض..فستان زفافهما..لكنه هذه المرة كان ملطخا بالدماء...لم يحس ( يوسف ) بما فعل بعدها..رقد بين الأنقاض وهو ينبشها من فوق مريم..حتى ظهر ذلك الوجه..وجه حبيبته التى لم يحب ويعشق غيرها..ولكن وجهها هذه المرة كان ككل ماحوله..ملطخا بالدماء...
" مريم...لاتموتى يامريم...إنه يوم زفافنا ياحبيبتى..لقد رسمت لكى لوحة بفستان الزفاف..وأنتى وسط السماء تطغين على نور القمر والنجوم..هيا أنهضى يامريم..لقد لوثت بعض الدماء ثوب الزفاف..ل..لكن لايهم..لايهم يامريم..سنحتفل..وسنتزوج..سنتزوج يا مريم..وسنعيش هنا على أرضنا..وسننجب أطفالا..يملأو حياتنا..."
انهمرت دموعه مع كلماته الهستيرية وهو يمسح الدماء من على وجهها الساكن بيد مرتعشة...
" قومى يامريم..لقد اقترب موعد الزفاف..قومى ياحبيبتى أرجوكى..أجيبينى..أجيبينى يامريم..."
ارتعشت يده أكثر وأكثر و غطت الدموع وجهه وهو ينظر من بين دموعه إلى مريم وإلى كل الحطام من حوله قبل أن يحتضن جسد مريم بين ذراعيه وكأنه يحميها من نيران القذائف...
ومن بين تلك الأنقاض المتناثرة, خرجت صرخة...
..........
" لن أرحل..."
نطق يوسف بالجملة فى حزم كساه الحزن, وهو يربط ذلك الحزام الممتلأ بالطلقات حول وسطه...فيما نظر إليه ( أحمد ) فى أسى وهو يرى مدى الحزن الذى يحاول إخفائه, قبل أن يقول فى أسف:
" لقد شاركت بأموالك كلها يا ( يوسف ) من أجل المقاومة...لايجب عليك الأن أن تضحى بنفسك..يمكنك الخروج من غزة الأن بسرعة..ونحن سنقف فى وجه القتلة وهجومهم البرى القادم..و لن يستطيعوا إحتلال غزة إلا على جثثنا..لكنك لاتحسن إستخدام السلاح جيدا ولا يجب أن تخسر حياتك..."
ارتدى ( يوسف ) سترته قبل أن يعتدل وينظر إلى ركن الحجرة حيث صورة مريم الأخيرة و يقول:
"لم يعد لدى ما أخسره..لقد أحسست إحساسك الأن يا أحمد عندما راحت ( شيماء)...الأن أنا خسرت ( مريم )...وخسرت الحب..وعرفت أن لاوطن..لاحب..هؤلاء القتلة يعتقدون أنهم يقضون على المقاومة كلما قاموا بإستعراض جديد لدباباتهم وطائراتهم على شعب أعزل...لكنهم لايعلمون أنهم مع كل شخص يقتلونه منا يخلقون الآلاف من المقاومين الذين لم يعد لديهم مايخسرونه بعد أن خسروا عائلاتهم..أطفالهم..و أحبائهم...لم يعد لديهم إلا وطنا مكلوما...ولن يخسروه إلا على جثثهم..."
التقط ( يوسف ) سلاحه, وهو يستمع إلى صوت الطائرات والقذف الذى عاود ضرب المدينة, قبل أن يقول فى حزم:
" هيا...وطننا ينتظر..."
تحرك الأثنان للخروج استعدادا للقتال...فيما تصاعدت فى السماء أصوات زفاف, من نوع أخر...
زفاف فى الجنة...
تمت بحمد الله
...................
الإهداء الأخير...
إلى فلسطين...
كنا نتمنى أن نكتب عن ألم كل من عاش المعاناة
فقط, حاولنا أن نعيش ولو لبعض الوقت
داخل هذه الأحزان ونتجرعها معكم..ونحاول أن نصفها..
لكننا مهما كتبنا..
مهما تراصت الكلمات..ونمقت الحروف..
ومهما تعددت الأخيلة والروايات..
نعجز أن نصف أحزانكم
لاتقدر أن تعبر عنه كلمات
.........
تنهيدة , الأمير الحائر