تحب تشرب شاي ؟ ج4
مرسل: 02 أغسطس 2009, 4:24 pm
" و لكنك يا ياسر أخبرتني أنك تعمل مهندس كمبيوتر . "
" حقا ؟ لا أذكر ذلك .. ربما أسأت فهمي يا نسرين ، لقد أخبرتك أنني أملك شركة لبيع و صيانة أجهزة الكمبيوتر و لكنني لست مهندسا ، فأنا خريج كلية تجارة . "
نظرت له نسرين في شك قائلة :
" ربما أسات فهمك من قبل . "
" نعم .. عموما لا يوجد فرق كبير بين مهندس كمبيوتر و مالك شركة كمبيوتر . "
أجابت نسرين دون أدنى اقتناع :
" نعم ، معك حق ! "
و اقترب منهم النادل حاملا ورقة الحساب ، نظر ياسر إلى الورقة فظهرت عليه بعض علامات الإرتباك ، شعرت نسرين بذلك فقالت له :
" ماذا بك ؟ أيوجد مشكلة ؟ "
بدأ يضع يديه في جيب قميصه و كأنه يبحث عن شيئا و قال لها آسفا :
" آسف جدا يا نسرين ، لكن يبدو أن محفظة نقودي سرقت بما فيها من أوراق و نقود أو سقطت مني دون أن أشعر . "
تعجبت نسرين قليلا لكنها قالت له :
" لا يهم .. لا تعط للأمر أهمية ، أخبرني كم الحساب ؟ "
" مائة و خمسون جنيها . "
أخرجت نسرين النقود من حقيبتها و وقفت قائلة :
" لا بد أن أمشي . "
وقف ياسر بسرعة و خرجا الاثنان و عند وصولهما لخارج المطعم قال لها متسائلا :
" أتريدين أن تقلي سيارة أجرة أم تفضلين أن تمشي قليلا بعد وجبة الغداء ؟ "
" لا ، أريد سيارة أجرة أرجوك . و أنت ؟ صحيح أين سيارتك ؟ "
سيارتي ؟ آه تذكرت تقصدين السيارة التي جئت بها المرة السابقة ؟ "
" نعم . "
قال مرتبكا :
" إنها ليست سيارتي .. في الحقيقة سيارة صديقي ، استعرتها منه لأن سيارتي عند الميكانيكي يقوم بتصليحها بسبب الحادث الذي تعرضت له . هل تذكرين ؟ "
أجابت نسرين في انفعال بسيط :
" نعم أذكر ، لكنني أذكر جيدا أنك أخبرتني إنها سيارتك . "
" حقا ؟ هل أخبرتك بذلك ؟ لا أذكر ، ربما أسأت التعبير أو خانني لفظي . "
" ربما . "
و أشار ياسر إلى سيارة أجرة قائلا :
" المعادي ؟ "
رن جرس الهاتف في غرفة مكتب نهاد التي كانت منهمكة في عملها بشدة ، التقطت سماعة الهاتف بسرعة قائلة :
" آلو .. شركة الأصيل للسياحة .. من معي ؟ "
" لو سمحت .. هل يمكنني التحدث مع سيد بك الشربيني ؟ "
" آسفة جدا يا أفندم ، إنه ملريض و لم يحضر اليوم .. أتود أن أخبره شيئا ؟ "
" مريض ؟ لا .. شكرا ، سأحدثه في المنزل لأطمئن عليه بنفسي ، أشكرك جدا . "
" العفو يا أفندم . "
وضعت نهاد سماعة الهاتف بعدما وضعت من الجانب الآخر و هي تتنفس الصعداء ، لا تعرف سر إزعاجها ، أقنعت نفسها أن السبب هو كثرة الأعمال المتراكمة عليها خاصة بع غياب مديرها و صاحب الشركة سيد بك الشربيني ، فهي تحترمه جدا و تعتبره بمثابة والدها الذي حرمت منه ، و هو أيضا لطالما يعاملها بلطف و يعتبرها بمثابة ابنته ، فهو ليس لديه سوى ولد واحد مسافر يدرس بالخارج .
دقت الساعة الثامنة مساءا و على إثر دقاتها إرتبكت نهاد ، و هي تعرف جيدا سر إرتباكها ، كلما تدق الساعة الثامنة تشعر بهذا الاضطراب منذ إسبوعين ، إنها نفس الساعة و نفس الوقت الذي اتفقت مع ذلك الرجل المجهول أن تقابله فيه ، و لكنها لم تذهب ، نعم لم تذهب ، تراجعت في قرارها و عادت إليها شخصية نهاد القديمة ، أدركت خطأها و قررت عدم تكراره ، استمعت لكلام أختها و نفذته دون أدنى تفكير و هذا ضرها كثيرا ، ذهبت لرجل لا تعرفه و لا يعرفها تتعرف عليه و تدعوه لفنجان شاي ، لابد أنه قال عنها شيئا من إثنين إما إنها حمقاء و مجنونة و إما أنها فتاة مستهترة تتعرف على أي شاب في أي مكان و أي زمان ، و لكنها تفضل أن يعتبرها حمقاء ، و قررت عدم تكرار خطأها فكفاها ما حدث ، و يكفيها تلك الغلطة التي تعتبرها غلطة عمرها .
" نهاد .. فيم تفكرين ؟ إنني هنا منذ أكثر من دقيقتين و أنت كأنك في عالم آخر ! "
أفاقت نهاد من أفكارها المضطربة على صوت ريم صديقتها و زميلتها في العمل و قالت :
" لا أبدا .. لا شيء ، إنني فقط مرهقة ؛ فأنا هنا منذ الصباح الباكر و أنت تعلمين كم الأعمال المتراكمة علي ّ بسبب غياب سيد بك . "
" نعم .. حقيقة كان الله في عونك يا صديقتي العزيزة ، لكن أسمعت آخر الأخبار ؟ "
نظرت لها نهاد بابتسامة واهنة قائلة :
" لا ، أخبريني يا وكالة رويتر . "
ضحكت ريم و قالت :
" هناك أخبار جديدة حول عودة ابن المدير سيف الشربيني ؛ و أن سيد بك سيجعله يدير الشركة بدلا منه بسبب مرضه الشديد . "
" هذه المرة الأولى التي أسمع فيها هذا الكلام ، لا أعرف يا ريم ربما يكون صحيحا ؛ فسيد بك مريض جدا . "
" شفاه الله و عفاه ، كم هو شخص طيب لكننا لا نعرف هل سيكون إبنه مثله أم لا ؟ "
" لا .. لا أتوقع ذلك ، أنت تقولين أنه عائد من الخارج لتوه أليس كذلك ؟ "
" بلى . "
وقفت نهاد لتضع بعض الملفات في أرفف المكتبة التي تقع بجوار مكتبها و استدارت ل ريم قائلة :
" إذن لا بد و أن يكون شخصا متعجرفا ، يريد تطبيق بعض القواعد السخيفة التي درسها بالخارج ، كلما أسمع عن شخص عاد من الخارج بعد دراسته لا بد و أن أسمع عن عجرفة و تكبر و قواعد سخيفة . "
و حينما أنهت نهاد حديثها وجدت ريم تنظر في اتجاه الباب و كأنها تريد أن تلفت نظرها إلى شيء ما ، استدارت نهاد لتجد رجلا طويل عريض المنكبين له شعر أسود لامع و له عينان ثاقبتان تنظر لها في سخرية و قال :
" سيف الشربيني .. المدير الجديد . "
تراجعت نهاد للخلف و انعقد لسانها من هول المفاجأة ، لم تتفاجأ لأن سيف سمع حوارها مع ريم و عرف رأيها المسبق عنه ، لكن تفاجأت لأن سيف الشربيني هو ذلك الرجل المجهول ......