مسابقة الشهر الخامس - 2009
مجال الخواطر
بعنوان
(صورة)
المركز الأول
(غادة يسرى)
***
حبيبتي ....مغمضة العينين أراكِ ..فبقشعر بدني و روحي لهول ما أرى ...و يرتبك عقلي و تتلعثم كلماتي ...فأعيش دقائق باكية من الصمت الأليم العميق ... من الصدمة المتجددة كل يوم ... لا أدري ما أقول؟ .. فالورق و الكلمات قد غرقت في سيل من دموع ساخنة ....تتساقط في مزيج كئيب من الغضب و الألم و الرغبة في الصراخ ..مجال الخواطر
بعنوان
(صورة)
المركز الأول
(غادة يسرى)
***
أريد أن أُبعِد تلك القدم الحقيرة الواقفة الى جوار رأسك الطاهر ... أريد أن أُطلق يديّ لأضرب و أضرب الملتفين حولك ..ينظرون ..يتأملون ..و ..يصوّرون ! هل أصبحتِ مجرد صورة تتناقلها الأيدي ؟ هل أصبحت تلك الصورة سلعة تباع و تُشترى في هذا العالم المتحجّرّ القلب و المشاعر؟ أريد أن أصرخ باكية في غضب و توعد : يامن تلتفون حولها إنها ليست سوى ...... طفلة ! أعرف أنها ليست كأي طفلة .. فقدرها أن تعيش في برد الخوف القارس بدلا من دفء أمانِ يعيشه أقرانها في كثير من الأوطان ....أن تستمع الى دويّ الانفجارات بدلا من زقزقة عصافير عمرها القصير ... أن يزدحم عقلها البريء الصغير بعشرات الكلمات التي لا يدركها فهمها الطفولي : حرب...قنابل ....أحزاب ....قتل ...اغتيال ...موت و دمار !
حبيبتي ..دعكِ الآن من كل هذا ... و أجيبيني : أكنتِ ذاهبة إلى المدرسة أم عائدة منها ؟ هل أحضرتِ معكِ فروضك المدرسية ؟ هل تناولتِ طعامك الذي حضّرته لكِ أمّكِ بكل حبٍ وحنان مع دعواتها العذبة؟ أتراكِ قد قبّلتها قبل الرحيل الى مدرستك ؟ جميل منكِ أن تذهبي لمدرستك رغم الأصوات المدوّية التي تُرهق أذنيكِ المتناهيتين في الصغر ! بم حلمتِ أن تكوني عندما .....تكبرين .. أيتها العصفورة الرقيقة ؟ هل تحبين أصدقائك ؟ و تحبين معلّماتك ؟ أتحبين أباكِ و أمّكِ و إخوتك ِ ... بيتكِ .... جيرانك ِ .......صغيرتي ......هل تحبين الحياة ؟؟؟
كلما رأيت صورة رأسك الصغير الرقيق وحيدا على أرض حربٍ دنيئة ..بلا رحمة ...بلا دمعة ...بلا......جسد ! أحس بيد الألم القاسية تمتد بعنف لتعتصرقلبي و أحاسيسي ... تخنق الكلمات في حلقي ....فصورتك الموجِعة ليست سوى انعكاسا لبشاعة الصورة الدامية هناك .. صورة؟ ..نعم ... هي كذلك ! صورة درامية متكررة ... نقف منها للأسف موقف المتفرج المشلول ....المُكبّل بقيود الصمت و العجز و ...الاستسلام الباكي !!
رأسك الصغير الذي استقر بعيدا عن جسدك النحيل الجائع لدفء أحضان الأهل و الوطن ... رأسك يا حبيبة قلبي .... قد مزّق قلبي الحزين عليكِ و على أصدقاؤك و أقرانك هناك ! قد عذّب روحي .. فصارت تهيم في مدينتك غزة ..بحثا عن جسدك ..أو ...ما تبقي منه ... تريد أن تلفّـكِ برداءٍ من حنانٍ و حنين علّكِ تحسّين بشيءٍ من دفء لطالما حلمتِ به ، صورة رأسك أيتها الزهرة النديّة البريئة قد أرهقت عقلي و شتّتت أفكاري فعجزت عن تفسير معنى لما حدث و يحدث ...فما دخلكِ أنتِ في كل هذا يا طفلتي الذبيحة ؟
أين كل من عرفوكِ و رأوا عينيك الجميلتين ؟ أين من سمعوا أصداء ضحكاتك العذبة تخترق جدران أقسى القلوب؟ لا أجرؤ أن أسأل عن ....أمّك الثكلى ... لا أريد حتى أن أتخيّل وقع الخبرالشرس عليها ! أتضرع من الله ألا تكون قد رأتك أو ..رأت رأسك الذي بقي منكِ ! لا ..لا .. أرجوكم لا تجعلوها تبتاع أي صحيفة أو مجلة ... صورة الرأس هنا و هناك .... قد أصبحت سبقا صحفيا ليس إلا !
لا تجزعي ياأمّها ! سينصرنا الله العلي القدير عليهم ذات يوم .... و برحمته تعالى ...نلقى طفلتك الحبيبة تمرح هناك ...في الجنّة مع رفاقها الشهداء ... و هناك فقط ستفتح عينيها المغلقتين بأقفالٍ من هموم ...هناك ...تنطلقين يا حبيبتنا البريئة بكل الحب و الفرحة ...هناك فقط ...حيث لا دمار...لا خراب ...لا....حروب !