سلسلة مفاتيحي

[Boshi]

سلسلة مفاتيحي

[center][/center]

منذ كنت صغيرًا و أنا أؤمن بإعتقاد غريب , وربما يسيطر علي حتي الآن ... أن معالم يومي تتكون منذ الصباح , منذ لحظاتي الأولي فيه , فإن كانت لحظاتي صباحي الأولي سعيدة فبالتالي سيكون يومًا سعيدًا , و إن كان لحظاتي الأولي غير سعيدة فللأسف سيكون يومًا

أيضًا لا أعرف لماذا لا أحب تلك الأيام التي أكوم مرتبطًا فيها بميعاد في الصباح , و أستيقظ مسرعًا لألحق به , فلا تجمعني علاقة طيبة أبدًا بأي صباح أكون مرتبطًا فيه بميعاد.

و بصفتي واحدًا من ساكني القاهرة الذين يشعروا بالغربة في الجيزة و تحديدًا عند عبورهم نهر النيل و دخولهم للجيزة التي يشعروا فيها بحنبن غريب إلي القاهرة, ظللت دومًا و أبدًا أكره جهلي و غربتي في شوارعها , و بالتالي كنت دومًا أكره أي أمر يتعلق بوجودي هناك.

كان صباحي هذا اليوم من الذي تحدثت عنهم منذ قليل ,, فقد كنت مضطرًا لأستيقظ باكرًا لألحق بميعاد مع صديقة حيث كان قد مر علي آخر مقابلة بيننا زمنًا طويلاً , و نظرًا لإنشغالاتنا المستمرة , كان الحل الوحيد أن نتقابل في هذا الصباح ليس هذا فحسب فقد كنت مضطرًا أن أقابلها في جامعة القاهرة...

[center][CENTER][/center][/CENTER][/color]

نعم , جامعة القاهرة ... فعلي الرغم من أن معظم صداقاتي الحقيقية في هذه الجامعة , و أكن لها بالكثير من الأفضال , فلقد تعلمت فيها الكثير ؛ لكنها تظل تسكن في الجيزة , و سأظل أشعر بالغربة الشديدة عند عبوري نهر النيل أيًّا كانت وجهتي ..

بعد عناء المشوار وصلت لجامعة القاهرة , أخرجت هاتفي و كلمتها , و هنا كانت المفاجئة ...

كانت صديقتي تدرس التمثيل و كانت تجهز لرسالة الدكتوراة الخاصة بها , و كانت لديها محاضرة مهمة , و كنت سأقابلها بعد أن تحضر هذه المحاضرة لتلك الدكتورة المشهورة ,, حاولت كثيرًا أن أثنيها عن حضور تلك المحاضرة و لكن لم يكن هذا ممكنًا أبدًا , و لهذا فقد كان لقاؤنا سيكون بعد المحاضرة.

و قد كانت المفاجأة أن الدكتورة نظرًا لإرتباط مفاجئ خاص بها إضطرت لتأجيل موعد المحاضرة ساعتين لتبدأ بعد ربع ساعة من ميعاد وصولي الجامعة.

و هكذا بدأت إعتقادي الغريب هذا يتحقق فقد كانت الأمر يحدث بإتقان غريب و بدا أن اليوم سيكون مثلما حكي عنه صباحه يومًا آخر من الأيام التي لا تجمعني بها علاقة طيبة.

و كان طبيعي أن تفشل محاولاتي للمرة الثانية في إقناع صديقتي بعدم حضور المحاضرة , و بالتالي أخرجت هاتفي و إتصلت بكل من أعرف في الجامعة و إستمرارًا لنبؤة الصباح لم أنجح في أن أجد أحدًا و لهذا وللأسف لم يكن هناك مفر سوي أن أختار حل واحد من إثنين:

أن أغادر أو أن أحضر معها المحاضرة

و بدا أن إقتراح مغادرتي سخيف جدًا , فحقًا كنا فعلاً لم نلتق منذ زمن بعيد , و كنت حقًا أفتقدها , و هذه المحاضرة كانت محاضرة من محاضرات الدراسات العليا و بالتالي ستفتقد لعنصر الملل الذي إعتدته دومًا في جامعاتنا المصرية , أو هكذا حاولت أن أقنع نفسي .

دخلت معها المحاضرة و كانت الدكتورة تتحدث عن القدرة الإبداعية للطلبة و علي قدراتهم علي خلق أفكار مما حولهم أو هكذا أتذكر , و لم يمض أكثر من خمسة دقائق حتي وجدت تلك السحابة الشهيرة من الملل تنتشر في الجو أمام عيناي و بدأت خيالاتي تختلط بالواقع .. و كنت علي وشك أن أسلم نفسي لخيالاتي , تنبهت لإنهياري و إستسلامي للملل ووضعت يدي في جيبي أحاول أن أخرج أي شئ منه لأعبث به حتي لا أجد نفسي فجأة و قد غلبني النعاس .. و كانت سلسلة مفاتيحي هي ما أخرجت منه .

لا أعرف ما حدث فقد كنت أعبث في مفاتيحي حينما وجدت الجميع ينظر إلي و في مقدمتهم الدكتورة التي كانت تشرح لهم .. و بدا أنها تعيد الكلام مرة أخري , و لكن هذا المرة بصوت أعلي و بنبرة أكثر حدة .. "نعم أنت, أنت و سلسلة مفاتيحك , نعم إخرج لتقف بجانبي" و بالفعل خرجت و كان كل ما يدور بذهني حينئذ ألا أسبب لصديقتي أية مشاكل أبدًا و أن أحاول أن أخبر الدكتورة أنني سمعت عنها و عن محاضراتها و حضرت تلك المحاضرة بسبب الفضول , أو بسبب إعجابي بها ,,, أو هكذا ظننت أنني سأخبرها.

و تنبهت علي صوت الدكتورة تسألني أن أجلس علي هذا الكرسي الذي بجانبها .. ففعلت بدوت تردد و طلبت مني أن أخرج شيئًا ما من جيبي , و لكنني أحسست من سؤالها أنها تتطلب مني أن أخرج سلسلة مفاتيحي و بالفعل أخرجتها.

"حدثني عنها" فقلت لها "هذه سلسة مفاتيحي ... هذا مفتاح المنزل و هذا مفتاح ........ " و بدأت أصف سلسلة مفاتيحي.

وجدتها تقاطعني "حسنًا بدا أنك لم تفهم ما قلت , صفها لي من داخلك أنت" فقلت لها: "لا أعرف ماذا تعنين بهذا" فأكملت كلامها كأنها لم تستمع إلي "إبحث بداخلك عما تعنيه لك أنت وحدك , ما تراه فيها ولا يراه الآخرون , ما يمكن أن تراه عيناك أنت وحدك و لا يراه أحد آخر" سكت قليلاً أحاول تطبيق ما قالته لي بدا الأمر صعبًا للغاية , لكنني وجدتني أنطق بكلامًا لم أعرف يومًا أنه بداخلي.

[center][CENTER][/center][/CENTER]

"سلسلة مفاتيحي ... ربما ستبدو للجميع مجرد سلسلة مفاتيح , و لكن منذ زمن بعيد و عندما كنت طفلاً صغيرًا كنت دومًا أتمني أن أحمل معي سلسلة مفاتيح , و لكن كانت أمي دومًا ترفض , فلم تجد هي لهذا سببًا أبدًا , كانت أمي دومًا في البيت ونادرًا ما كانت تخرج لوحدها , نادرًا ما كان بيتنا يغلق حتي يحتاج لمفتاح يفتحه ,, لم أشعر أبدًا أن لبيتنا جدران أبدًا أو أن له أبواب تحتاج لهذا المفتاح ... و لكن منذ رحلت أمي عن عالمنا , و كأن روح البيت رحلت معها و ظهرت تلك الأبواب و الجدران التي لم تكن موجودة قبلها.

منذ وقت بعيد لم أكن أكترث أن يكون معي أبدًا مفتاحًا لبيتنا , ولكن أصبح أمرًا ضروريًا أن تكون معي مفاتيحي , بالنسبة للجميع ستظل مجرد سلسلة مفاتيح و لكن سأظل أري فيها دومًا ذلك الباب الذي ظهر فجأة مغلقًا ببيتنا , عند رحيل أمي , و لهذا لا يكنني الدخول للبيت أبدًا دونما أن أعبر هذا الباب و سبيلي الوحيد إلي ذلك سيكون دومًا تلك السلـســ....
و لم أستطع أن أن أتحاشي تلك الدمعة التي كانت علي وشك السقوط فخرجت مسرعًا محاولاً تفادي أن يراها أحد جريت فجأة غير مكترث بأي أحد...

ولكن بمجرد أن خرجت من الباب و غادرت قاعة المحاضرة , و جدت نفسي مضطرًا للعودة مرة أخري للداخل ... فقد كنت قد نسيت سلسلة مفاتيحي بالداخل .

[center][CENTER][/center][/CENTER]

بقلم : محمد طــه

[elsayad]

الزميل / محمد طه
قصتك ممتعة وشعرت بأنها واقعية وأحسست بإحراج بطلها لما أخرجته الدكتورة ليجلس على مقعد بجوارها ووضعت نفسي مكانه ، كما أن فيها أيضاً كم كبير من المشاعر الداخلية عندما تذكر البطل والدته وكل هذه التسلسلات التى حدثت بسبب سلسلة المفاتيح " عنوان قصتك ".

أحييك وأتمنى لك المزيد من الأعمال الناجحة . ،

[mony]

الاخ محمد طه
اهلا بيك بيننا قصتك جميلة ومختلفة خاصة فكرة الصور بتدى بعد فنى جديد للقصة
بس اعتقد ان النهاية كانت محتاجة لشوية مجهود
يعنى بعد ما يخرج البطل يكون فى بين خروجة وتذكره للسلسلة لحظة تفكير مثلا او..
مش عارفة بس حسيت انك نهيتها بسرعة اوى
عموما دة رأيي وبالتوفيق

[dr asmaa]

الأخ محمد طه
اهلا بك زميلا واخا فى الأكاديمية

قصتك جميلة وطريقة سردك مشوقة

تأثرت جدا بتصويرك للبيت أثناء وجود أمك وبعد فراقها

شعرت بالحنان تجاه أمى وودت أن أطمئن عليها

تحياتى لك

ودعنى أطمئن على أمى و11