هناك..
مرسل: 25 يونيو 2010, 11:54 am
جثة موضوعة امامى على الطاولة ..باردة صامتة لا حياة فيها تبدو شديدة المسالمة ولولا اننى اعرف انه خيالا لقلت انها تتبسم فى ارتياح
تبدو وكأنها اجتازت على التو امتحانا ما بنجاح..نظرت لها وابتسمت أوليس اجتياز مرحلة الحياة مما يسمى بالنجاح؟!
لقد انتهى كل شئ بالنسبة لها كل الالم،كل الفرح كل العمل كل التفكير كل شئ، لم يعد شئ يهم..
لم يعد يبقى سوى السلام والهدوء مهما كان ما يحيط بها من صراخ فقد اصبحت تحيا الان فى عالم الهدوء السرمدى والصمت الابدى الذى لا نهاية له او قد تكون له نهايه ولكنى لا اعلمها الان..
ولكن لا يوجد امامى الان سوى الشعور بالراحه من اجلهاوفى داخل قلبى يدق ايقاع جديد..تشتد نغماته شيئا فشيئا..نغمات خفيفة مرحة حالمة تمتلئ بالسعادة والنشوى..فأخذت ادور حولها وارقص فى سعادة وانسيابية،وبدا تصرفى عجيبا ..ارقص بجوار الموت!
كمن يرقص حول النار المشتعله فى منزله رافضا إطفاءها لانها تدفئه! وتوقفت عند دخول فريق المشرحون..وقفوا حول البدن الهامد المستسلم واخذوا يفحصونه بدقه ويعللون اسباب الوفاه وانا من بعيد ابتسامتى اللعوب لا تزال تتوج وجهى فى صمت..انا الوحيده التى تعرف الحقيقه ولكننى لن اقولها!!
اقتربت بهدوء وجلست بجوار الجثه على منضدة التشريح..وقد بهرت الجثه الحضور بجمالها وروعة تكوينها حتى انهم كانوا فى اعماقهم يستخسرونها فى الموت !..ودمعت عيونهم وهم ينظرون الى جراحها الغائره وانا ابتسم ساخره..واضحك فى نفسى بجنون والدموع تتساقط من عيناى ايضا
ينظرون الى علامتا قديمتا فى يدها..يظنون انها احد اسباب الوفاه،يالهم من حمقى ..لن يعلموا ابدا سبب حدوث هذه العلامه القديمه
وحدى اعرف ولكننى لن اقول!!
يتفحصون شعرها الجميل واظافرها الطويلة اللامعه ..اسنانها البيضاء وبشرتها الصافيه، جسدها الذى اعتنت به طويلا ..ولكنها لم تعد تحتاج اليه الان.. لقد تحررت منه ومن جميع اثقالها ، ملابسها الانيقه الغاليه تمزقت والخاتم الماسى الثمين فى يدها بدا وكأنه يرفض المشاركه فى تزيينها بعد الان وكأنه..يخشى الموت!
ثم هدأت الموسيقى الحالمه شيئا فشيئا وتوقفت ابتسامتى ولم يبق لى سوى صوت الصمت عندما انتهى الجميع من عملهم وخرجوا من الحجره واطفأوا انوارها واغلقوا الباب الحديدى الثقيل خلفهم
وانا فى مكانى انظر اليهم فى هدوء حتى ذهبوا
ثم تحول نظرى الى جثتى الراقده بجوارى واخذت اتساءل:
وماذا بعد؟