صفحة 1 من 1

الغرق في النيران !

مرسل: 24 يوليو 2010, 12:52 am
بواسطة Ghadat2009



التمعت عيناه ببريق الغضب العارم و التحدي المحموم حتى أنه يخيل لمن يقترب منه أنه يوشك على الانفجار المدوّي !
و أضاف إحساسه القاتل بالعجز غيظا إلى غيظه ...

جزّ على أسنانه حتى كاد يفتّتها ..و اعتملت في عقله أفكارا تراقصت على وهج نيرانه و حمم عصبيته ..و انتفاضة عروقه النّافرة في ثورة ..
حدّث نفسه فيما انفصل عن واقعه :
" لن يهزمني أبدا ! .. ليس أمام أسرتي ! صحيح أنه يبدو قويا صلداً ..لكنني الأكثر منه قوة و إصرارا بالتأكيد !! "

قالت زوجته و قد اعتراها القلق عليه : " اصبر يا سالم ! فربما استطعنا معا إيجاد حلٍ بديل "
و أمسك أخاه بيده قائلا : " إن الله مع الصابرين ... هلا هدأت و لنتشاور فيما نفعل ... لا تندفع بكل هذا الغضب فتندم !"
و أكملت أخته كلامهما بقولها : " لا أجد مبررا لكل هذا الغضب ..فمثل هذه الأمور تحدث ... و لا بأس من التريث قليلا قبل الإقدام على هكذا خطوة ! "

لم يبدو عليه أيّة رد فعل لما طرق مسامعه ... بل ظهر عليه العند و الإصرار !

و تراجع للخلف من جديد .. و قد ازداد الجدار الفاصل بينه و بين واقع صيحات من حوله بأن يتوقف و يترفق بنفسه ...

أخذ نفسا عميقا و نفث زفيرا ساخنا كثور هائج يستعد للصدام في حلبة لمصارعة الثيران

اندفع بشراسة ليصطدم به من جديد ...مخلّفا المزيد من الألم في كتفه الأيمن ...

امتزجت انفعالات الغيظ و التحدّي و الحرج و الإصرار ... و تداخل معها نوع من اليأس المقيت ...

تراجع أكثر هذه المرة ...و اندفع بقوة أكبر و أكبر .... ليحصد الألم أضعافا مضاعفة لسابِقه ! و كان كل من حوله في حالة صمت و ترقّب أعقبت يأسا من محاولات اقناعه بالعدول عمّا انتواه

كان لا يزال ممسكا بمعطفه الذي سقط منه شيء ما عقب الصدام الأخير ...

أحدث سقوط المفاتيح من جيب المعطف دويا كبيرا نسبيا ...

قام ابن أخيه الصغير بتناول المفاتيح بهدوء مصحوب بابتسامة طفولية بريئة .. و شرع يجرّب المفتاح تلو الآخر في الباب العنيد الذي كان عمّه يقاتله لفتحه ! وسط نظرات ذاهلة من الجميع ..تنقلت بين الطفل و العم ....

و ببساطة أدهشت الجميع ...انفتح الباب !
خيّل إليهم أنهم يكادون يسمعون أنّات تمثّلت في صرير أحدثته مفاصل الباب ... و ...فقرات عظام العمّ الحانق ...الذي وقف مشدوها و قد غرق في عرقٍ بارد ...و نيران من نوعٍ آخر !


.. ..
..
...



Re: الغرق في النيران !

مرسل: 24 يوليو 2010, 2:10 pm
بواسطة dr_hope
استمتعت كثيرا بقراءة قصّتك أو قراءتك لمشهد عابر أستاذتنا غادة ..

كنت قد سمعت حكمة تقول : " إن الخبرة هي المشط الذي تعطيه لك الحياة بعدما تكون قد فقدت كل شعرك :) "

[quote]أحدث سقوط المفاتيح من جيب المعطف دويا كبيرا نسبيا ...[/quote]
يبدو أنه دويّ الخجل و الإصرار على مخالفة الآخرين ، خصوصا إن كانوا ناصحين :)

أظن أن جميعنا يفعل هذا، إذا أصر على المضي فيما يريده ، برغم نصح الكثيرين له، قد يكونون أكبرَ منه، و أكثرَ خبرة بالحياة منه، و أمضى حكمة منه ، إلا إنه يصر و يصر حتى يعود بخفيّ حنين !
[quote]
" لن يهزمني أبدا ! .. ليس أمام أسرتي ! صحيح أنه يبدو قويا صلداً ..لكنني الأكثر منه قوة و إصرارا بالتأكيد !! "
[/quote]

حديث البطل إلى نفسه ، يشبه كثيرا حديثنا إلى أنفسنا في ذروة المكابرة و العناد ..


هذه الرسالة التي وصلتني ولعل قراءات أخرى لغيري من الأعضاء تخرج بالمزيد .. happy11


====

[quote]حتى أنه يخيل لمن يقترب منه أنه يوشك على الانفجار المدوّي ![/quote]

لم تعجبني هذه الصورة !

[quote]و تراجع للخلف من جديد .. و قد ازداد الجدار الفاصل بينه و بين واقع صيحات من حوله بأن يتوقف و يترفق بنفسه ...[/quote]

و هذه أعجبتني

===

أخيرا : هناك بعض الهنّات اليسيرة_ من وجهة نظري _ و التي لا تقلل أو تفسد من جمال العمل :


حتى إنه يخيل لمن يقترب منه أنه يوشك على الانفجار المدوّي !
..و اعتملت في عقله أفكارٌ تراقصت على وهج نيرانه

و أمسك أخوه بيده قائلا .
"إلا إذا خرّجتيها على لهجة قصر الأسماء الستة :) "


و لا بأس من التريث قليلا قبل الإقدام على هكذا خطوة ! "
هل يقال على هكذا خطوة أم على خطوة كهذه ؟
لم يبدو عليه أيّة رد فعل لما طرق مسامعه ... بل ظهر عليه العناد و الإصرار !



تحياتي لكم و بانتظار المزيد إن شاء الله

Re: الغرق في النيران !

مرسل: 25 يوليو 2010, 6:26 am
بواسطة walaa mohamed
عزيزتى غادة..حمدا لله على سلامتك أولا :)
ثانيا أشكرك على امتاعنا بقصة جميلة كهذه
فرغم بساطتها إلا أنها تحوى الكثير
عبرت عن واقع نعيشه كثيرا..حينما يلجأ الكثيرون_ فى حل أى مشكلة عابرة_ لأساليب عدة يغلب عليها التعقيد
أو العنف..أو..أو..أو...
فى حين أن حلها ربما يكون فى غاية البساطة.
حينما يثور المرء ويتملكه الغضب فى أمور لا تستحق...أن يعطى الأشياء أكبر من حجمها..
حينما يعتز المرء برأيه ولا يجد فى سواه اى صواب.
clap1 clap1 تحياتى لكِ غادتى ولأسلوبك الذى استمتعت به حقا
بما فيه من تشبيهات بلاغية أعجبتنى كثيرا great1

Re: الغرق في النيران !

مرسل: 27 يوليو 2010, 8:28 pm
بواسطة محمد محمود
أختي العزيزة غادة
حمداً لله على رجوعك لأسرتك الأدبية في بيتك الثاني
قصة قصيرة تحمل معنى كبير في إشارة بليغة ودقيقة لما يفعله الغضب بعقولنا ، وما يعتري أذهاننا من غيبوبة تسيطر علينا وقت غضبنا ، فالغضب والحكمة ضدان يستحيل أن يجتمعا في عقل واحد ، وصدق القائل صلى الله عليه وسلم في وصيته بليغة المعنى قليلة الكلمات : " لا تغضب "
فالغضب بحق قطعة من النار .
سلمت أختي الكريمة على ما سقتيه من أسلوب رائع وكلمات بليغة ، وسرد مركز لمشهد واحد وصفتيه بقدر طيب من التشويق حتى أخذت بيد القاريء إلى الفكرة الأساسية والحكمة الرائعة والهدف من القصة : لا تغضب " .
لك تحياتي على ما أبدعه قلمك
بارك الله فيك

Re: الغرق في النيران !

مرسل: 10 أغسطس 2010, 3:46 am
بواسطة mony
اختى العزيزة غادة
كنتى فين من زمان نورت الاكاديمية وعدت بقصة جميلة و فكرة جديدة كالعادة
بجد قصة رائعة واسلوبك فى التصوير جميل وكمان قصة حقيقية اوى وحصلت معايا قبل كدة والشخص اللى فقد المفتاح كان فعلا
ثائر للغاية زى ما وصفتى تمام وكأنى من وصفك شايفة الصورة بتحصل قدامى
احييكى
flower1


flower1