صفحة 1 من 1

وشم النــــــار

مرسل: 24 سبتمبر 2010, 10:19 am
بواسطة rawan432
دقت بقدميها على وتيرة اهازيج الفرح المقام على روحها, بينما تتماوح الاضواء الراقصة على ثوبها الاخضر اللامع وهى تدور مع أوانى الخضاب النازفة بالشموع حولها

تذكرته وهو يجلس على درجات السلم الرخامى فى الجامعة يسألها عن الوشم الذى يحتل ذقنها :-

اجابت ضاحكة :-

هو وشم العائلة ..لنا تقليد يميزنا..فى الصغر يدق ثلاثون ابرة تترك ورماً قرمزياً تتحول للون الازرق بعد ثلاثة ايام

هتف فى غرابة:-
يا لالقسوة

قالت فى قوة :-

تراث ..الوشم يلحقنا حتى قبرنا

تدافعت النساء حولها فى صخب يصفقن وهى تدور وتخبط بقدميها الارض كنورية , تلطم بضافائرها العارمة وجهها فى قسوة علها تفيق من كابوس زفافها لكنها تغرق فى كابوس اخر

ظنت ان حب ابيها الجارف يشفع له حينما اتى يطلب يدها...لكن جدها الطاغية اجاب طلبه بان اعطاه الامان حتى يخرج من قريتهم عند غروب الشمس ..وكان الوقت قبل الغروب بقليل .. .. غادرها , و تسابقت خطواته عبر الطريق الترابى مخلفاً وراءه كثير من الغبار كثير من الدموع وصوت جدها الظالم يصرخ فى أبيها الصامت:-

اخبرتك البنت عار من المهد للحد



حجلت بقدميها ودارت لهفى حول خصرها وقد تناثرت حبات العرق فوق خال وشمها ورنات الخلخال الثقيل تدوى فى اذنها. أبصرت نور القمر المكتمل يطل عليها خجلاً فغصت وهى تتذكر انه انطفأت على رحيله عشرة أقمار فى ارضاً اخرى

اشتعل آوار الحماسة حولها وطبول النار تدق رأسها وكفوف لاهبة تصوغ كفنها ..توقفت تلطم الصخب الهادر وكلمات تشق قلبها:-

البنت عار من المهد للحد.. البنت لابن عمها

حلت ضفائرها فصارت كغيمة سوادء امامها ثم نثرت التراب فوق الشموع واطفأتها كى تريح روحها

وقفت النسوة الطيبات حولها فى وجوم وغممن طار عقل الفتاة ومصمصن الشفاه :-

المسكينة..الحمقاء

إنسلت من بينهم كغزال طليق يناديها الليل النداء الاخير بينما يهرول فى اثرها ابن عمها الموتور

غسل الندى الغافى على اكمة الورود وجهها ...غرس الشوك جسده ...استيقظ الزرع الناعس على هزيز شعرها ييتطاير خلفها فى حبور ...داس فى طريقه الازهار الغضة وافزع فى سعيه الحقود فراشات الليل اللامعة فاطفات نورها بعد ان توجست الشر

توقفت تلتقط النسيم..توقف يتنفس الغضب ..رأها تداعب تحت ضوء القمر طائر غريرفلم تقهره البراءة تغلفها ولا التفاف الطائر الفضى حول رسغها يداعبها..نظر لرصاصته الكامنة فى عقله ولكن قلبه الاسود عنفه وقال :-

لا تستحقها

هجم عليها وزين بسكينه البارد جيدها البض بوشم اخر دموى.. إرتاع الطائر وطار صارخاً .. وقعت فاحتضنتها الارض الطيبة بينما افترش شعرها الارجوانى اللامع بماء الحياة اعراش النخل المنحنى..

طارت روحها شعاعين جزءً ليسكن قلب ابيها الخامل فتوقف عن النبض وجزءً ليعبر بحر لجى فاصل بينها وبين الحبيب وقد استيقظ وقلبه يعتصره الالم فى بلده البعيد و قبض كفيه بعنف ..توقف الألم ..فتح كفيه فوجد وشمها الدموى يحتله ...فانتحب فى صمت.

Re: وشم النــــــار

مرسل: 24 سبتمبر 2010, 10:56 am
بواسطة محمد محمود
أختي وزميلتي العزيزة روان
سعدت كثيراً بعودتك بعمل جميل كما تعودنا منك دائماً ، وقصة رائعة قمت بصياغتها كأحسن ما يكون .
ناقشت خلالها قضية متغلغلة في أعماق تراثنا الجاهلي ، وأقول الجاهلي لأن الإسلام كرم المرأة وحفظ لها حقوقها ، وأي إهدار لهذه الحقوق هو مخالف للشرع ولا يستحق أن يوصف إلا أنه من موروثات الجاهلية .
قهر البنت وإرغامها على الزواج ممن يتخيره كبير العائلة حتى ولو لم يكن مناسباً ، وكأن البنت شيء موروث يتحكم فيه وكأنه نخاس .
كلها قضايا مخالفة للدين الذي أكرم المرأة وأنزل الله في كتابه سورة كاملة بحقوقها وواجباتها " سورة النساء "
تحياتي لك على إثارتك هذه القضية الشائكة التي نتمنى أن تختفي من مجتمعاتنا .

كم هو رائع مناقشتك لموضوع القصة بهذا الأسلوب البليغ الرائع .
تمنياتي لك بدوام التوفيق و الإبداع وألا تحرمينا من تواجدك وكتاباتك . clap1

Re: وشم النــــــار

مرسل: 24 سبتمبر 2010, 12:36 pm
بواسطة ميرا
روان أول مرة أقرأ لك قصة

في الحقيقة أعجبت جداً بالفكرة ولغتك جميلة جداً بالرغم من صعوبة بعض الألفاظ لكن تشبيهاتك في غاية الروعة

تحياتي

Re: وشم النــــــار

مرسل: 24 سبتمبر 2010, 8:21 pm
بواسطة تنهيدة
:) زميلتى العزيزة روان أحيكِ على قصتك الهادفة وطرح مشكلة كثيرا ما واجهت فتيات كانوا ضحايا لوجودهم فى هذه الحياة ولعادات وجدها أناس لا يقدرون وجود المرأه ولا يعرفون كم كرمها الله عز وجل ..
أضفتى باسلوبك جمالاً للفكرة ..وجعلتى لها بريق يبهر كل من يقرأها فأستطعتى ان تضيف تشبيهات ممتعة أمتعتنى كثيرا وجعلتنى أشعر ان روحى تطير مع روح هذه الفتاة وأشعر باحسايسها الداخلية التى وصفها قلمك ادق وصف . أعجبنى كثيرا وصفك للفتاة ولكل شىء حولها
جعلتنى اراها واشعر بدموعها أحيكِ على دقة وصفك وعلى اسلوبك المميز فى ربط الأحداث وانتقالك ببراعة من حدث لاخر دون ان تشعرينى بهذا فظهرت القصة مترابطة الاحداث رغم اختلاف المكان والزمان ...لغتك قوية ولكنى وانا اقرأ القصة شعرت بثقل بعض الكلمات :) ولكن رغم هذا الشعور الا انها كان عامل مهم فى
تخيل القارئ لصعوبة احسايس هذه الفتاة
أشكرك مرة اخرى على هذه الفكرة المميزة والاسلوب الرائع واتمنى لكِ دوام التألق والأبداع تمنياتى لكِ بكل التوفيق والنجاح :) flower1

Re: وشم النــــــار

مرسل: 26 سبتمبر 2010, 1:32 am
بواسطة donnabella
وحشتينييييييييييييييي جدا جدا
عوده بقصة قوية رغم أن الرمز أعطي طابعا مقبضا للقصة، و لكنك بالفعل حبست أنفاسنا ،
تارة شفقة عليها و تارة تحسبا للمأساه التي آلت إليها القصة
أحييك على هذا التميز
happy11 happy11 happy11 happy11 happy11 happy11

Re: وشم النــــــار

مرسل: 27 سبتمبر 2010, 1:05 am
بواسطة سندريلا
مساء الخير
عودة بقصة رائعة يا روان بحق
الفكرة جميلة خاصة أنكِ قمتِ بتصويرها لنا من خلال جو خيالي إلى حد ما لكنه خيال ممتع حيث تصورت مشاعر البطلة و صراعها و فكرها و إحساسها عن طريق وصفك الجميل ... و أتفق مع زميلي أ/ محمد حينما قال أنكش عبرت لنا عن تلك العادات المتخلفة التي حرمها الإسلام و كرم المرأة بتحريمها حينما أتاح لها فرصة الزواج ممن ترغب و تحب ... و للأسف اعتقد أن الفتاة ما زالت تعيش تلك القيود لكن بصورة آخرى ... وضعها المجتمع حينما حكم عليها بالزواج لمجرد حمل اللقب دون النظر لأي حسابات آخرى ...
اللغة حقا جميلة خاصة بتعبيراتك القوية و تشبيهاتك الرائعة بالرغم من وجود بعض المفردات التي صعب علي استيعابها ..
تحياتي لكِ مع تمنياتي بدوام إبداعك و تفوقك بإذن الله flower1