نطق بالجملة فى ذهول, وهو يسير على غير هدى إلى جوار صديقه الذى أجابه فى مرارة :
" أى أحمق كان يمكنه تخيل ذلك..ولكن يبدوا أننا جميعا كنا أكثر من مجرد حمقى...مع كل ماحدث كان لابد أن نخمن جميعا إن ذلك سوف يحدث عاجلا أو أجلا..."
" مازلت لا أستطيع التصديق...أشعر أن كل ماحدث فى الشهرين الماضيين هو كابوس مرعب...وسيتنهى قريبا..."
" يجب عليك أن تصدق...فإنها حقيقة...وقد عاد الوحش بكل قوته وقسوته...ليس كابوسا أو وهما...وسيحتاج إلى سنين أخرى لكى يتنهى..."
" لقد إعتقدت إنه لن يفكر أبدا فى العودة بعد أن تخلصنا منه عندما حاول مهاجمتنا من قبل..."
" ومن كان يعتقد أنه سيفعل كل مافعل خلال السنة الماضية...من كان يعتقد أن تكون قوته تضاعفت ألاف المرات منذ أخر مرة كان فيها هنا...ومن كان يعتقد أن يعود إلينا...ولكن هذا ماحدث...و ها قد عاد الوحش..."
" لماذا...؟ "
" الإنتقام لايعرف لماذا..."
" ممن ينتقم! لم نفعل له شيئا أبدا! لم نؤذه...ولم نفكر أبدا فى الإقتراب منه...ومافعلنا مافعلنا إلا لكى نتخلص من ذلك الوحش الذى جثم علينا بكل وحشية ودموية...بلا شفقة أو رحمة..."
" لقد إعتبر أن إلتهامنا بكل وحشية هو حقه...وأنه يجب أن يظل هنا...ويلتهمنا حتى يفنينا...ليبحث عن أخرين...ليرضى دمويته ووحشيته..."
" أى حق ذلك! أى حق ذلك الذى يكفل له المجئ إلينا وإلتهامنا جميعا دون أن نؤذه أو نرتكب نحوه أى خطأ..."
" هذا حقه...بقانون الغابة الذى يخضع إليه...هناك من يأكل...ومن يؤكل...ولايهم ملك تلك الغابة من يؤكل...كل من يهمه ولاء ذلك الوحش الذى يلتهم جميع من حوله واحدا تلو الأخر..."
" وما ذنبنا نحن أن نخضع لهذا القانون الوحشى؟! "
" الصمت..."
" ماذا؟! "
" الصمت ياصديقى...هل أصابك الصمم أيضا مع الصمت...الصمت هو ذنبنا...عندما رأينا هذا الوحش يلتهم من حولنا وجلسنا نتابع أسنانه المليئة ببقايا أجسادهم ودمائهم تسيل من بين أنيابه القذرة فى صمت...اكتفينا بحزنناعليهم...وحمد الله فى صمت على أننا لسنا مكانهم بين أنياب ذلك الوحش...وأعمانا ذلك الصمت عن حقيقة أننا التاليين...وأن الوحش الجائع الذى ملأ معدته بأجسادهم لن يلبث أن يعاوده الجوع سريعا ويحتاج إلى وجبة أخرى...وكنا نحن التاليين...بحماقتنا تصورنا أننا أخر من يفكر هذا الوحش فى إلتهامه...لأننا كنا من القوة و استطعنا أن نتخلص منه عندما هاجمنا من قبل...ولم نفكر أبدا فى إنتقامه...وأنه سيعود إلينا أقوى مما كان..بعد أن امتلأت معدته بأجسادهم...ونحن صامتين...هذا هو ذنبنا... "
" لقد ملأت نفسى بالرعب! هل يعنى ذلك أننا هالكون لا محالة...هل يعنى ذلك أن أجسادنا قد تكون فى قائمة غذاء هذا الوحش القذر خلال الأيام القادمة..."
" للأسف...نعم...ولكننا يجب علينا أن نحاول منع هذا...ويجب أن نجاهد لكى نتخلص منه كما تخلصنا من قبل..."
" ومتى يمكن أن نتخلص منه...؟! "
" ماتاريخ اليوم...؟ "
" 1 يناير 2010 "
" هل تذكر ماحدث السنة الماضية, فى مثل هذا اليوم...؟ "
" لا أعتقد...أنت تعرف مشاغل الدنيا...من يتذكر أى شئ حتى عن الأمس وخطر هذا الوحش قريب منه...ماذا حدث على أى حال...؟ "
" مثل هذا اليوم...بدأ الوحش عودته...والتهم أول أصدقائنا...وشاهدناه وهو بين أنياب الوحش...وجلسنا نتابعه...بينما ملك الغابة يبارك بزئيره الوحشى مايفعله وحشه الصغير...واكتفينا نحن أمام الزئير والوحش وصراخ الضحايا بين أنيابه...بالصمت..."
" دعك من حصص التاريخ هذه...مايهمنى الأن هو ماذا سنفعل لكى نتخلص من الوحش...ومتى يمكننا أن نتخلص منه...؟ "
" يالحماقتك...لازلت تكتفى بالصمت...ولاتتعلم من خطأ الماضى...على أى حال...سنبدأ رسم خطة للتخلص من الوحش..."
" ومتى يمكننا القضاء عليه تماما...؟ "
" ربما فى ذكرى مرور سنة على هجومه علينا...والذى أراد أن يذيقنا الذل والإنتقام بهجومه علينا فى نفس اليوم الذى كنا نحتفل دائما بالتخلص منه فيه..."
" هل تعنى.....؟ "
" نعم...هذا هو التاريخ الذى أعنيه... 6 أكتوبر 2010....ربما يتنهى هذا الكابوس..."
" حسنا..ماذا نفعل الأن...هل نصمت...؟ "
" لا...بل تكلم...تكلم أرجوك...فأنا أكره الصمت..."
بداية النهاية
........................................................