القصة القصيرة هى عمل أدبى قصير فى حجم الكتابة وفى زمن حدوث الأحداث, فزمن القصة القصيرة قد لايتعدى مشهدا واحدا أو مشهدين, ولا يحتوى أيضا على العديد من الأشخاص, لأن القصة القصيرة تركز على شخصية واحدة توضح انفعالات ومواقف تحدث لهذه الشخصية, ولا تعتمد القصة القصيرة إعتمادا كاملا على الجمل والحوار مثلما تتطلب الرواية, بل يستخدم الحوار فقط فى حالة وجود مبرر واضح له كإظهار صفات إحدى الشخصيات أو توضيح الهدف من القصة والمعنى المراد توصيله.
تبدأ القصة بداية تركز على الحدث والشخصية الأساسية, وتمضى فى سرد تفاصيل القصة,والتى يفترض بها أن تكون مشوقة تبعا لأسلوب الكاتب, وكذلك يجب أن تكون النهاية غير واضحة للقارئ خلال الأحداث, وإلا قلت جودة القصة, بل يجب أن لايستطيع القارئ أن يستوعب القصة كاملة من أول مشاهدها, أو يخمن بماذا ستنتهى, لتأتى النهاية, وهى لحظة مهمة جدا فى القصة تسمى " لحظة التنوير " أو " لحظة الإنقلاب " وفى تلك اللحظة يظهر الكاتب فى نهاية القصة الحدث الأساسى والهدف من القصة والإنقلاب الدرامى المفاجئ عادة للأحداث. كأن تسير القصة كلها فى قالب درامى أو إثارة, وتنتهى بإنقلاب إلى لحظة كوميديا فى نهاية القصة, أو العكس, وكل ذلك يرجع إلى ماهية العمل وطريقته الأساسية وكذلك المعنى المراد توصيله من القصة.
قد يتخيل البعض أن اختيار موضوع للكتابة هو أصعب مرحلة فى عملية كتابة القصة أو أى عمل أدبى أخر, ولكن ذلك اعتقاد وهمى, لأن اختيار الموضوع مع أهميته ليس صعبا على الإطلاق, ولكن ترجع أهميته إلى أنه شرارة البدء فى كتابة أى عمل.
أين تبحث عن المواضيع؟
ابحث حولك, فى حياتك اليومية, فى المواصلات التى تركبها, فى الأشخاص الذين تتعامل معهم, فى الأماكن التى تذهب إليها أو حتى فى المواقف التى تحدث لك, كل ذلك مع بعض الخيال قد يعطيك فكرة عظيمة تتحول بالكتابة إلى عمل أدبى ممتاز,
كيف تبدأ تكوين القصة؟
أولا: قد تبدأ من نهاية القصة, بحيث تتخيل النهاية التى تريدها للقصة أولا, وتبدأ بناء القصة والأحداث للوصول بالحدث إلى تلك النهاية. مثال, القصة التى كتبتها قبلا وأعتقد أنكم قرأتوها جميعا, بعنوان ( فول وفلافل ) فقد تخيلت النهاية فقط و لحظة الإنقلاب وبنيت عليها العمل بالكامل, وهذا النوع مناسب إذا كان الحدث الذى تتخيله مفاجئ ويناسب لحظة الإنقلاب.
ثانيا: من البداية, أى تلتقط الفكرة التى تخيلتها وتبدأ فورا بالكتابة دون تردد أو تفكير مبدأى, وتترك قلمك يمضى فى الكتابة إلى حيث تقود الأحداث ويقود تخيلك, وهذا أفضل من النهاية الثابتة, لأنه يعطيك حرية فى كتابة الأحداث وتصل إلى النهاية ولحظة الإنقلاب المناسبة للأحداث دون تكلف واصطناع لمسار القصة.
ثالثا: البدء من العنوان, وهذه أصعب طريقة وأهم طريقة أيضا, وهى مناسبة لكل الأعمال الأدبية مثل القصة أو الشعر أو الخواطر ماعدا الرواية التى تحتاج إلى تخيل مسبق للأحداث, وطريقة البدء من العنوان هى الطريقة المستخدمة دائما فى المسابقات الأدبية, وهى أيضا شبيهة بنظام مسابقة ( مصر بتكتب إيه ) والنظام الذى كتبنا على أساسه جميعا خلال تدريب الرباعيات, فى هذا الأسلوب تقوم بمسك قلمك أو فتح صفحة الكتابة هنا مثلا, وتتخيل عنوان, مثلما فعلت أنا فى قصة نهاية الطابور, فقد ألفت عنوانا فقط فى البداية, وبنيت عليه القصة كلها من الأساس...هذا الأسلوب يتبع الأسلوب الثانى الذى ذكرناه, إلا أنه يختلف عنه فى أنه لايكون فى ذهنك أى أفكار عن منحنى القصة, فقد يقود عنوان واحد إلى عملين أحدهما تراجيدى والأخر كوميدى, طبقا لتخيلك للعنوان وماتقودك كتابتك وتخيلك للأحداث, وهذا النوع يحتاج إلى خيال واسع جدا و احساس حاضر دائما لبناء عمل من مجرد عنوان...وهذا النوع يفرض نفسه كثيرا على الكتاب الذين يحتاجون دائما إلى كتابة الأعمال بطريقة دورية أو يومية لنشرها فى صحيفة ما, فلا يستطيعون دائما التفكير فى فكرة جديدة, فيبذلون فقط بعض الوقت فى تأليف العنوان ثم بخيالهم ومهارتهم الأدبية يقومون بتحويل ذلك العنوان وربطه بأحداث إجتماعية أو سياسية أو حتى خيالية, والمضى فى هذا المسار حتى نهاية العمل الأدبى.
لا أريد أن أطيل عليكم فى أول مقال لذا سأكتفى بتلك المبادئ وسنتحدث فى المقال القادم عن أسس العمل الأدبى بوجه عام وأهم عناصره.
حتى نلتقى لكم منى كل التحية.