http://www.sm3na.com/song33853.html
وقفت نهاد بمطبخ شقتها لتعد وجبة الغداء شاردة حزينة ؛ فهي لا تستطيع أن تنسى ما حدث لها من أحداث مؤرقة في الآونة الأخيرة ؛ تشعر بالظلم و الأسى و هي لا ذنب لها ؛ و حينما تتذكرة نظرة سيف إليها بآخر لقاء لهما تشعر بغصة شديدة في حلقها ، و رغما عنها ذرفت دموعاً حارة ألهبت وجنتيها و لتغرق في أحزانها مرة آخرى و حينما أفاقت من حزنها سمعت جرس الباب يرن فمسحت دموعها و غسلت وجهها الذي لم تؤثر فيه قطرات المياه لتخفي آثار حزنها فظلت عينيها حمروان ، و اتجهت إلى الباب و حينما فتحته سقط قلبها في قدميها حيث كان القادم سيف نفسه ، لم تستطع أن تتحدث لهول المفاجأة فنظر لها و إلى عينيها برفق و قال :
_ أيمكنني أن أتحدث معكِ قليلاً ؟
_ أنا بمفردي بالمنزل .
_ أعلم ؛ فنسرين ليست هنا
_ نسرين ؟ كيف عرفت إسم أختي ؟
_ أنا منتظرك بنفس المكان الذي تقابلنا فيه لأول مرة .
و انصرف دون أن يعرف حتى جوابها .
*****************************
دلفت نسرين إلى ذلك المكان العشوائي و تلك الحارة الضيقة بثقة و ثبات غير عابئة بكلمات الغزل التي تتلقاها ، أو نظرات هؤلاء النسوة اللائي يجلسن عند أبواب بيوتهن يتجاذبن أطراف الحديث ، أو حتى معاكسات الأطفال الشقية لها ، و اتجهت إلى تلك القهوة التي تعج بالعديد من الناس وسألت صبي القهوة عن مكان ياسر فأشار لها عن محله الذي يعمل به فشكرته ثم اتجهت حيث أشار لها .
و قبل أن تدلف إلى المحل إذا به يخرج فصطدم بها و تتلاقى أعينهم فينظر لها باحتقار و تنظر له بقوة من سيحتقره بعد قليل غير عابئة بنظراته و قالت له :
_ لماذا فعلت ذلك ؟
_ لصدمتي فيكِ .
_ و ماذا عن كذبك عليّ ؟
صمت قليلاً ثم قال لها :
_ أعترف أنني كذبت عليكِ و لأغراض خبيثة أيضاً ، لكنني ندمت بعدها و قررت أن أمضي بحياتي شخصاً آخر نادماً على ما فعلت و هذا لأنني .. أحببتك بحق .
على الرغم من غضبها الشديد منه إلا أنها لا تنكر أن كلماته أثرت عليها فقالت له :
_ إسمعني جيداً .. بدايةً لم أكذب عليك في شيء و تركتك حينما تيقنت أنني لا أحبك و عرفت حقيقتك بعدها و لم أندم على معرفتي بك بقدر حزني عليك و على أحوالك ، شعرت تجاهك بالشفقة و سامحتك لكنك لم تعر ذلك اهتماماً فانتقمت مني شر انتقام حينما جرحت مشاعر أختي أمام خطيبها ، فرقت بين إثنين لا ذنب لهما في شيء سوى أن إحداهما هي أختي .
تعجب ياسر كثيرا من الصدمة التي تلقاها فصمت قليلاً ثم قال لها بمنتهى الجدية :
_ نسرين .. أسف العالم لن يكفي ليمحو ما حدث ، لقد أخطأت في حقك كثيراً ، لكن صدقيني فعلت ذلك لأنني أحببتك و لم أستطع تقبل فكرة أنكِ تعرفين كل يوم رجلاً ، لم أظن أبداً أنها أختك .
_ لا يهم ، ما حدث قد حدث ، المهم الآن أن تعدني ألا تتدخل بشؤن حياتي مرة آخرى أو حياة من يقربني .
_ صدقيني ، لن أفعل ذلك مرة آخرى و أرجوكِ سامحيني .
_ سامحتك بشرط ألا تخدع أحد مرة آخرى .
_ صدقيني .. لقد صرت شخصاً آخر و أعمل الآن بالنهار في ذلك المحل ، و أعمل ليلاً بالفندق الذي حدث فيه ما حدث .
_ أتمنى لك كل التوفيق .
و انصرفت بهدوء على وعد منه بألا يتعرض لها مرة آخرى ، حامدة الله على ما حدث حيث كان درساً هاماً لها .
*******************************
نظرت نهاد إلى سيف متعجبة بتلك الكافيتريا التي تقابلا فيها من قبل و قالت له :
_ ماذا تريد مني ؟
_ لماذا لم تخبريني بأمر نسرين من قبل ؟
صمتت قليلاً ثم قالت له :
_ و كيف عرفت بأمرها ؟
_ لقد أتت إلي اليوم صباحاً و أخبرتني بكل شيء ، و عرفت بأمر سوء التفاهم الذي حدث .
_ لكن كيف عرفت هي ذلك ؟
_ لقد أخبرتها ريم بكل شيء و أخبرتها أنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً لأنك قطعتِ وعداً منها .
صمتت نهاد فقطع سيف صمتها قائلاً :
_ أنا آسف يا نهاد ، آه لو تعرفي عذابي بالأيام السابقة .
لم تجبه فهي لا تعرف بما تجيبه فقال لها :
_ أحبك .
انعقد لسانها من هول المفاجأة فقال لها :
_ نعم ؛ منذ اليوم الأول الذي رأيتك فيه و أنا أحبك ، احترت كثيراَ حينما لم تأتِ موعدنا مرةً آخرى ، و حينما وجدت بشركتي حمدت الله و صممت على أن تكوني لي ، كنت أراقبك كثيراً دون أن تدري حتى جاء اليوم الذي سألتك فيه عن موعدنا الثاني و لقاءنا الأول ، و بالرغم من أن كلامك لم يكن مقنعاً إلا أنني قبلته لأنني أحبك ، حتى قررت أن أتزوجك و ما زلت مصمماً على ذلك . هل تقبلينني زوجاً لك ِ .
لا تعرف ماذا تقول ؟ يا إلهي لقد عوضتني أخيراً بالشخص الذي أحببته ، لا أستطيع تحمل فرحة قلبي يا ربي فقالت له بفرحة كبيرة :
_ موافقة يا حبيبي .
فابتسم لها مربتاً على يديها برفق فسعدت كثيراً لكنها تذكرت شيئاً هاماً فقالت له :
_ أخبرني ما هي قصة نادية الشربيني ؟
قهقه بصوت عالِ و قال :
_ هل تغارين يا جميلتي ؟
احمرت نهاد خجلاً فقال لها :
_ نادية تزوجت منذ عامين و انفصلت عن زوجها لأنها كانت تحب شخصاً قبله ؛ كان زميلها بالجامعة لكن عمي لم يبارك الزيجة لأنه كان فقيراً فتركته و رضخت لأمر عمي ، و بعد انفصالها تقدم لها زميلها مرة آخرى خاصةً بعدما نجح بمشروعه الصغير فأتت لتأخذ برأيي خاصة لأنها تعتبرني مثل أخيها بالضبط .
ابتسمت نهاد و ارتاح بالها فقال لها :
_ ما رأيك بأن نتزوج بأقرب وقت ممكن ؟
ابتسمت ثم سرعان ما خطرت ببالها فكرة مجنونة فقالت له :
_ ما رأيك بفكرة .....
********************
بعدها بإسبوعين ....
على أنغام الموسيقى و الصوت الهاديء الحنون الصادر بأرجاء القاعة احتضن سيف نهاد زوجته بحنان يتراقصون على هذه الأنغام الجميلة ، و بجانبهم رقص حسام برفقة نسرين بينما محمد برفقة ريم .
كانت السعادة على وجوه الجميع فقال سيف لنهاد :
_ هل أنتِ سعيدة ؟
_ بالطبع يا حبيبي . و أنت ؟ هل أعجبك الزواج الجماعي ؟
_ نعم ؛ أرى السعادة على وجوه الجميع ، فما أجمل أن يشاركنا الجميع فرحتنا .
ابتسمت نهاد و رمت برأسها فوق كتف زوجها فاحتضنها و قال لها بعد برهة :
_ أتعلمين ماذا أريد الآن ؟
_ ماذا ؟
_ أحب أشرب شاي ...
ضحكت نهاد فبادلها زوجها الضحك فنظرت إليها نسرين سعيدة لسعادة أختها ، و نظرت إليهم ريم فأطلقت لهم غمزة بعينيها فبادلاها تلك الغمزة بسعادة عامرة ....
تمت بحد الله
و ف النهاية أحب أهدي الرواية المتواضعة للأكاديمية اللي إدتني الفرصة الجميلة دي ...
و لكل شخص حب الرواية و عبر عن حبه سواء برد جميل أو مجرد كلمة إعجاب ...
و أتمنى تكون الرواية نالت إعجابكم و أكون عند حسن ظنكم دايما يا رب:)