ساعة حائط

[خالودة]

بالكاد يستطيع أن يميز حركات عقارب الساعة التي اعتاد أن يثبتها على الحائط المواجه لسريره،يتسرب ضوء خافت إلى حجرته من فتحات النافذة، يعيش لحظة من لحظات التأمل التي يستغرق فيها لساعات في نفس الوقت من كل عام ، يجابه نفس الإحساس بالفشل، ويستسلم لليأس الذي أحاط به لسنوات، تتابع عيناه عقارب الساعة ثانية تلو الأخرى، لم يعتد على الشعور بأهمية الوقت سوى في هذه اللحظة المتأملة من كل عام.

يتعمد أن يلقي بهاتفه المحمول بعيداً حتى لا يقطع عليه الصخب هذه اللحظة التي تتكرر من عامٍ لأخر، تساوره نفس التساؤلات العتيقة، ومع انها بسيطة في طبيعتها ، إلا انها الدافع وراء احساسه المستمر بالفشل، دائما ما يرهق نفسه في الهروب من مواجهتها،تلح فقط على ذهنه في مثل هذا الوقت من كل عام، يظل طوال العام هارباً من نفسه ، ممزوجاً في روتين الحياة اليومية وكأنه جزء لا يتجزأ منه، إلى أن تحين هذه اللحظة ويجد نفسه وحيداً غارقاً في خضم هذه التساؤلات، مستسلماً لها ، إلى أن يصرعها النعاس.

ولكن هذه المرة النعاس يأبى إلا أن يجافي عينيه، يحاول جاهداً أن يصبر على إلحاح هذه التساؤلات ويمني عقله بالراحة مع إتيان زائر الليل، ثبت عيناه على الساعة ، كثيراً ما يتكرر ذلك ، ولكن في هذه المرة أحس بشئ مختلف، تمعن في النظر إليها، وبدأ شعور جديد في التنامي بداخله، للمرة الأولى يدرك أن كل حركة للعقرب الصغير، مهما كانت ضئيلة، تمثل الجزء الذي فقده من رصيد عمره قبل بداية هذه الحركة، ترسخ الإحساس بداخله، لقد ظل العقرب يتحرك مليارات المرات على مدى ثلاثين عاماً وهو لم يدرك أنه العد التنازلي لحياته.

أحس بغصة في حلقه استطاعت أن تغلب أنفاسه، تحولت الغصة إلى سحابة من الغضب خيمت على سقف الغرفة، لم يستطع أن يتمالك نفسه، استجمع أطرافه وهرع نحو المرآة، لم يستفيق إلا على صوت هاتف المنزل، عاد إليه الوعي للحظة فوجد نفسه غارقاً في الدموع، استجمع قواه والتقط السماعة، إنها أمه، كعادتها كل عام تهنئه بذكرى ميلاده وتباركه ببضعة دعوات لا تنسى أن تتضمن عودته سالماً من بلاد الغربة.

لم يستطع أن يحتفظ بالهدوء المزيف الذي تشبث به لكي لا يرهق قلب أمه، ففي نفس اللحظة التي وضع فيها السماعة انفجر في البكاء مرة أخرى، ولكن هذه المرة لم يفقد وعيه، ظل عقله حاضراً، أسرع نحو مكتبه، اختطف ورقة وقلم، وجلس على الكرسي المقابل للمرآة، ظل ينظر إليها ثم ينحني على الورقة، حاول أن يستحضر أهم الأحداث في الثلاثين عاماً الماضية، اجتهد في أن يجد شيئاً بارزاً أو مميزاً أو غير عادي، ولكنه لم يجد ما يمكن ذكره، ولما انتابه اليأس، توقف عن التفكير للحظات، ثم وجد نفسه يكتب ويكتب دون توقف، سيل من الكلمات يتدفق على الورق، ظل يكتب إلى أن خارت قواه، ثم نظر إلى المرآة مرة أخرى، وعكف على قراءة ما كتب بصوت عال.

"شعارات" ، "شعارات"، "شعارات" ، ظل يردد هذه الكلمة وهو يضرب بقبضة يديه على الحائط، ليس هناك دليل ملموس في حياته على أن شعاراته تحولت إلى أفعال أو حتى محاولات لأفعال، مجرد عبارات رنانة احتفظ بها عقله، لم يخط خطوة واحدة لتحقيق أحلامه وكأنه ظل هارباً منها إلى أن ابتلعته دوامة التسويف، وما فتئ يخرج منها إلا ووجد كراهية مترسخة لنفسه ولحياته،،، تزداد ضراوة ضرباته على الحائط،، إلى أن سقطت الساعة وتناثرت أجزاؤها على أرضية الغرفة، تبعثرت مثل أحلامه التي حطمها تردده وتخبطه ويأسه طوال الثلاثين عاماً،، أخذ يلملم حطام الساعة،، وبات طوال الليل يعيد تجميع أجزائها،، غلبه النعاس وهو في غمرة انهماكه في إصلاحها،، ولم يوقظه سوى آذان الفجر،، استفاق وذهب نحو هاتفه الجوال،،، ثم قام بضبط عقارب الساعة ،،،، وأعادها إلى مكانها على الحائط.

http://www.facebook.com/home.php?#/note.php?note_id=114966906100

[نبضة...]

اولا..اهلا بك زميلا جديدا معنا في اكاديميتنا الرائعة...
ويبدو انك منذ البداية زميلا مبدعا..
قصتك اقل ما يوصف بها انها عبقرية..
استطعت ان تبدع حقا في كل مافيها...
العنوان الرائع الملفت للانتباه...
البداية المشوقة للغاية..حقا بداية عبقرية توحي بتحكمك في كلماتك
و التمكن من اسلوبك..
الاسلوب الرمزي الذي استخدمته في قصتك يعطيها طابع خاص..
ساعة الحائط...المرآة..الورقة والقلم..كلها رموز ذات طابع نفسي
متوازنة جداااااا مع جو القصة النفسي والتساؤلات والصراعات
التي تدور بذهن البطل..
تعبيراتك حقاااااااا رائعة...تصدم عقل القارئ بفيض من الافكار..
أيعجب باللفظ..؟ ام بالاسلوب..؟ ام بقوة التعبير نفسه..؟
كل ما كتبته يجعل القارئ يعجب بكل كلمة...ولا يهمل حرفا واحدا
من قصتك...
المزيج الذي كونته من حسن اللغة والاسلوب والتعابير يجعل قصتك
من اقوى القصص التي قرأتها حقا...قصة تترك في النفس أثرا..
بليغ انت في تعبيراتك..واكثر ما يميزك هو عمق أفكارك..
فأنت لاتكتب مجرد فكرة..بل تجعل القارئ يغوص بفكره باحثا عن
العديد من الافكار داخل فكرتك الواحدة...

كل هذا...فضلا عن الفكرة المميزة التي انتقيتها للكتابة عنها...
مرور العمر دون انجاز حلم واحد...
دون تحقيق هدف واحد...
مرور العمر دون حتى ادارك انه مر,,,الا بعد فوات الاوان..
كل الناس لا يدركون اهمية الوقت الا بعدما يفقدوه..
وكثيرا منا لايشعر ان حياتنا ما هي الا ثوان معدودة..
وكأنك توصل رسالة بقصتك..الا تستهين ولو بثانية من عمرك ايها
الانسان....ولا تبيع احلامك لاجل اي احد كان...

فقد لفت نظري ان بطل قصتك قد تغرب لاجل المال...كما يفعل الكثيرون
هذه الايام...و البحث عن المادة في حد ذاته من اكثر الاشياء التي
تلهو الانسان وتضيع وقته...فالمادة ليست كل شئ...
وكثير منا يقضي حياته في شعارات...متجاهلا قيمة الحياة..
ولذة تبني المبادئ..وتحمل المسئولية..
كثير منا ينسى سبب وجوده على سطح الارض..

اما اكثر ما اعجبني فهو تسلسل قصتك...
البطل في انتظار تلك اللحظة التي ينتظرها كل عام..
يمر الوقت...وتأتي اللحظة..
ويبكي..
ثم يتساءل ..ماذا فعل في حياته؟؟!
وينهار..
ثم يهدأ مجددا...فلا مفر..ولا شئ يعيد العمر
الذي مر..
تسلسل قصتك دليل على ابداعك بحق..

بداية قوية يا زميلنا العزيز...وفي انتظار اعمالك القادمة..
تقبل مروري ..وعذرا على تعليقي الطويل..لكن قصتك
الرائعة هي السبب...
موفق ومبدع دائما..

[السيد فهيم]

الزميل العزيز ... مرحبا بك مبدعا في أكاديميتنا العظيمة ... بداية قوية وموفقة ... تملك أدواتك جيدا و تتمتع بالحس الصادق والقدرة علي التعبير بخلجات النفس ... أحييك علي هذا المستوي الراقي والي المزيد من الابداع.
السيد فهيم

[محمد محمود]

أهلا بك زميلي العزيز
أرحب بك معنا
بداية رائعة موفقة وملكة أدبية ملؤها الرقي والتمكن من أدوات اللغة
أرجو أن تمتعنا دوما بأعمالك المميزة

[خالودة]

متشكر جدا جدا جدا جدا جداااااااااااااااااااااااا على تعليقاتكم التي فاقت القصة روعة وجمالا وإبداعا ،،،،، الله يسعدكم زي ما اسعدتوني بتعليقاتكم الرقيقة ،،،، شكرا جزيلا وخاصة للتعليق الطويل الجميل الذي يرقى للتحليل الإبداعي النقدي للقصة ،،،، تحياتي وأتمنى أن نتواصل دائما ان شاء الله يا اعزائي ,,,,

[هبة خميس]

اقل ما يقال انها رائعة
اسلوبا و فكرة و بناء
تسلسل الاحداث منطقي كما انها اشعرتني بغصة في حلقي
و النهاية خدمت القصة و اضافت لها
تحياتي

[سندريلا]

اولا برحب بيك يا خالد في الاكاديمية .........

معلش ردي جه متاخر زي ترحيبي ........ بس اهلا بيك في بيتك مع عائلتك الجديدة ......

قصتك لفتت نظري جدا بسبب العنوان ..... فعلا عنوان جميل و ملفت و له دلالات كتير تناسب موضوع قصتك القصيرة ........

كمان الفكرة جميلة لان فعلا في ناس كدة بيوهموا نفسهم انهم ممكن يعملوا حاجة و يحتاروا في دائرة التسويف زي ما ذكرت .....

و على فكرة التعبير ده عجبني جدا و انت وفقت في اختياره ....

غير اسلوبك السهل البسيط في السرد المرتب و كمان غير النهاية الحلوة اوي .........

احييك على قصتك القصيرة خالد ........ لانك حقا ابدعت

مع تمنياتي لك بالنجاح و التوفيق دائما .........