دون حذاء أفضل !!

المشرفون: Ghadat2009،نبضة...

أضف رد جديد
hamadazedane
أكاديمى فعال
أكاديمى فعال
مشاركات: 20
اشترك في: 05 يناير 2009, 9:26 pm

دون حذاء أفضل !!

مشاركة بواسطة hamadazedane »

دون حذاء أفضل
قصة قصيرة

كل يوم استيقظ صباحاً السادسة أو السابعة لا يهم ... البس ملابسي على عجل , أفطر لو كان هناك طعام , أهرول على درجات السلم ليعلن رنين صوت حذائي عن وجودي , أخرج من باب البناية القديم أنظر الى الشارع , لا أعلم ما سبب رغبتي في البكاء الآن , أتمالك نفسي
"كيف لرجل أن يبكي"
هكذا حدثتني نفسي , تركت أقدامي تسير نحو الشارع , أعتقد أنها أصبحت تعلم جيداً كيف تسير , أصل الى السيارة الأجرة , أركبها برتابة وملل , أضع يدي في جيبي لأخرج ال "50 قرشاًًًًً" أعطيها للجالس أمامي , يعطيها بدوره للجالس أمامه , حتى تصل في النهاية للسائق فيضعها امامه بعدم اهتمام , أصل للمترو , ينزلني السلم الكهربائي الذي يجعلني أتذكر أساطير الموتى الأحياء عندما أنظر لمن حولي وأشعر وقتها بأنني أصبحت منهم , أفيق من هلاوسي على صوت القطار الذي يزأر كما لو كان أسداً قادماً لإلتهامنا , أدخل جوف القطار مستسلماً لتدافع الناس التي لا تنتهي .
"لا تشاجر حتى الذهاب للمقابر"
هذا هو قانوني في الحياة , أصل إلى العمل , أنكب على الأوراق أكتب , وأكتب , وأكتب , حتى ينتهى اليوم , وتدور عجلة اليوم مرة أخرى في دورتها وينتهى اليوم.
هكذا أنا منذ شهور , الملل ... شعور أصابني فجأة , وجدتني أعيد نفسي كل يوم وبنفس الطريقة , شعرت بشعور غريب يدفعني للتغيير .
"ولكن ماذا أغير"
- وهل أنا قادر على التغيير؟!
هكذا وجدت نفسي تتحداني , ووجدتني في صراع ما بين رغبتي في التغيير , ونفسي التي ترفضه .
"ها ها ها"
ضحكت
"كيف تتحداني تلك النفس وهي من صنعي"
, وجدت الناس تنظر إلي متحيرة , تذكرت الآن أنني في محطة المترو , ولكن
-
هل هذا يهم ؟!

قلتها بصوتٍ عالً ولكن تلك المرة متعمداً , جاء القطار , توقف أمامي , تدافعت الناس للركوب , وقفت في مكاني لم أتحرك ,
-
تحرك , سيفوتك ميعاد العمل , الثامنة الآن , هيا تحرك .

قالتها لي نفسي , وانتظرت أن أتحرك , ولكني لن أتحرك
-
طظ في الشغل .

قلتها بصوتٍ مرتفع أيضاً , تحرك القطار أخذاً معه جموع البشر , لتمتلأ المحطة بدورها بجموع أخرى , وأنا ... مازالت واقفاً , ومازال صراعي يشتعل , مازالت هي تلح , و أنا أرفض , ولكني عندما نظرت إلى الساعة ووجدتها قاربت التاسعة , فضعفت .
"الغياب يساوي خصماً والخصم يساوى فلوساً والفلوس تعني الحياة "
هذا هو قانوني الثاني , زاحمت مع من زاحموا , واقتحمت القطار , رائحة العرق مختلطة بروائح "البارفانات" ما بين الغالية والرخيصة , وقفت وانتظرت دوري في الحركة المصاحبة لحركات الناس , شردت بذهني لحظات , أفقت على صوت أعلمه جيداً جاء صارخاً :
- ها قد انتصرت عليك يا عبيط .
نظرت حولي فلم أجد أحداً , الناس من حولي ينظرون إلي بعضهم مستغربين , مستهجنين , وقف القطار ونزلت , كنت أهرول حتى أصل إلى العمل قبل أن يرفع الدفتر .
- تجري الآن !! أين جرأتك ؟ , أين تحديك معي لقد انتصرت عليك لأنك جبان .
وقفت في منتصف الطريق , وقلت مستهزءاً :
- لن أذهب الى العمل اليوم , ولن تنتصري بعد اليوم , أيتها النفس القبيحة .
وقفت متحيراً لدقائق , وبعدها أخذت قراري بعدم الذهاب , الهاتف لا يكف عن الرنين , نظرت في الهاتف , وجدته رقم العمل
- أها لقد أتتني فرصتي للتغيير على طبقٍ من ذهب .
أغلقت الهاتف , ومشيت متبختراً حتى وصلت لأتجاهي في محطة المترو , ركبت القطار , القطار رائق , وصلت للمحطة ونزلت , لا أعلم هل أنا مبسوط مما فعلت أم نادم , لم تعد تفرق كثيراً .
"هذا الانسان مرفوع مؤقتاً من الخدمة"
كانت رسالتي التي بعثتها لكل الموجودين على شريحة هاتفي قبل أن أغلقه , وصلت إلى غرفتي التي لم أعد أطيقها , هذا السرير لم يتحرك منذ شهور , وتلك المرآة القديمة المشروخة تقف على الحائط وتنظر إلي متحدية , ضربتها بقبضة يدي فانكسرت وتبعثر فتاتها على الارض , سريري يتحداني , يأخذ حيزاً كبيراً من الغرفة وأنا أكرهه وأكره هيئته العجوز , الدماء تدفق من يدي , لا يهم , هجمت على السرير , وبسرعة فككته , الغرفة أصبح التهريج سيدها , تعبت من كل ما فعلت , وقررت النوم , نمت , وانتهى يومي الأول دون عمل , دون روتين , دون إفادة , ولكن هلى يهم ؟! ,
"لا لا , لا يهم"
هكذا قلتها لنفسي , أيام متعددة مرت بعدها , وكان نظام حياتي "لا نظام" ما أفعله في يوم لا أفعله في اليوم الذي يليه , حتى كان ذلك اليوم الذي استيقظت فيه من نومي كانت السادسة , كرهت صوت الحذاء فنزلت من غيره , سألت صاحبة محل الفاكهة عن بعض الفواكة لكي أسد جوعي , لم تجيبني ولكنني رأيت في عينها نظرة خوف , سألتها مرة ثانية لم تجيبني , مددت يدي وأخذت بعض البرتقال , جلست القرفصاء وبدأت في التهام فصوص البرتقال , "الغريبة أن الناس تمر أمامي دون أي اهتمام بي!!" تركت البرتقال على الأرض , قمت مفزوعاً , وصرخت قائلاً :
- لماذا لا تتكلمون معي ؟ , هل ترونني ؟ , أنا أكلمكم , فلماذا لا تتكلمون ؟! .
قلت ما قلت , وانتظرت أن أجد اجابة فلم يحدث , كنت أصرخ بأعلى صوتي , ولكن أين صوتي , أصبحت لا أستمع إليه , أصبح صوتي لا شيء , أصبحت لا أسمع إلا ما بداخلي , صرخت , وصرخت , وصرخت , ولكني لم أسمع شيء , جريت إلى المنزل وصعدت السلم تتخبطني الحوائط , جلست أيام لم أعدها , جوعي اشتد , لبست ملابسي القديمة , نظرت إلى قدمي وجدتها قذرة , تذكرت أني لم ألبس الحذاء لأيام , فلبسته , ونزلت الى الشارع , جذبني الحنين لمحطة المترو , حاولت أن أوقف سيارة , ولكن مازال تجاهل الناس لي قائماً , فقررت أن أمشي له , مشيت كثيراً , وتعبت كثيراً , حتى وصلت الى المحطة , بحثت عن الهاتف في جيبي حتى وجدته , فتحت الهاتف , هناك أرقام كثيرة أود أن أطلبها .
- ألو ... ألو ... ألو .
أسمع من يكلمني ولكنه لا يسمعني , أخذت هاتفي , وجريت نحو المحطة , دخلتها , لا أعلم اى الاتجاهات أذهب , ولكن هل تفرق الآن الاتجاهات , عبرت الماكينة الالكترونية , "لم يعترضني أحد" , وقفت منتظراً القطار , أكلم هذا لا يرد , أشعر بأن هناك شيئاً ما يكتفني , ولكن لا يهم , لا يهم , انتظرت القطار , ولكن لماذا أنتظره !! , أنا لن أذهب لمكان معين , تخلصت مما يكتفني , ورأيته قادم , كل الناس أنكرت وجودي , ولم يعد أمامي غيرك , اقتحمت زحام الناس , وانطلقت أقدامي مسرعة نحو هدفها , قفزت من على الرصيف الى القضبان , لحظات بعدها وانتهى كل شيء .
***
- لقد قتل نفسه المجنون , كان حادثاً مروع , ظل الشاب يصرخ "هل تسمعوني , هل تسمعوني" كنا نرد عليه ولكنه كان في الدنيا غير الدنيا , ظل يصرخ هكذا وعندما اقترب القطار ضرب ما يحيطونه , كان كالوحش لم يستطيع أحد أن يوقفه , ضربهم , وقفز على القضبان حتى أصبح أمامنا أشلاء .
- هل لديك أقوال أخرى .
- لا والله على ما أقول شهيد .
"جزء من تحقيقات النيابة"

تمت
حمادة زيدان
صورة العضو الرمزية
donnabella
مشرفة قسم الأشعار
مشاركات: 365
اشترك في: 30 يناير 2009, 4:16 pm
Real Name: نورا مجدي
Favorite Quote: إذا لم يكن من الموت بد .. فمن العجز أن تموت جبانا
verification: ID verified and trusted writer

Re: دون حذاء أفضل !!

مشاركة بواسطة donnabella »

قصة رائعة ... من منا لم يتمني أن يعيش بلا حذاء ... ولكننا جميعا لا نجرؤ علي أن نتخلي عنه
بطلك جرؤ و لكن جرأته أودت به للجنون
أحييك بشدة clap1 clap1 clap1 clap1
ومـا مــِن كاتبٍ إلا سيبلى ....... ويُبقي الدهر مــا كتبت يـداهُ
فلا تكتُب بخطِك غير شيءٍ ....... يسُــرك في القيامةٍ أن تـراهُ
صورة العضو الرمزية
محمد محمود
مشرف قسم الأشعار
مشاركات: 1070
اشترك في: 06 نوفمبر 2008, 4:40 pm
Real Name: محمد محمود حسن
Favorite Quote: إلهــــي لا تعذبني فإني
مقر ٌ بالذي قد كان مني
verification: ID verified and trusted writer
مكان: الإسكندرية
اتصال:

Re: دون حذاء أفضل !!

مشاركة بواسطة محمد محمود »

أهلا بك يا زميلي العزيز
قصة جميلة وأسلوب رائع
ورغم أن بطل القصة قادته معاناته وتهوره للجنون
لكن والله قصة واقعية وتحدث كثيرا ً على أرض الواقع
أحييك وتمنياتي لك بالتوفيق
flower1 flower1 flower1
تواضع تكن كالبدر لاح لناظر ٍ على صفحات الماء وهو رفيع ُ
ولا تك كالدخان يعلو بنفســه إلى طبقات الجو وهو وضيـــع ُ

صورة


صفحتي الشخصية
أضف رد جديد

العودة إلى ”قصص فصحى“