مـش عـايـزة غـيـرك إنـت ج2
مرسل: 22 إبريل 2009, 6:41 pm
وليد مازال في شقته مع صديقه عصام الذي يكبره في السن ، كانت هيئة وليد لا تدل أبدا أن اليوم حفل زفافه ، بذلة عادية ، بدون ربطة عنق و لحية خفيفة و كأنه يريد أن يوصل من خلال هيئته هاته رسالة ما لشخص معين ..يتقدم عصام من وليد و يقول له مداعبا :
إيه يا عم ، بالزمة دة منظر واحد فرحو النهاردة
ينظر وليد ضجرا و لا تبدو عليه علامات السعادة أما عصام فيكمل دعابته قائلا:
و لا ح يجوزوك غصبن عنك ...
وليد يرد بعصبية : و النبي تسيبني يا عصام أنا مش طايق نفسي النهاردة
عصام :لا إنت فعلا مش مش كويس ...إيه مالك ؟
وليد : يعني مش عارف ؟
عصام على علم بكل شيء و لكنه يتحاشى الحديث في هذا الموضوع، وكأن عدم الحديث فيه سيجعل وليد ينساه و لكن الموقف يُخرج عصام عن صمته فيقول : اه الموضوع اياه ما تشيلها من دماغك بقى انت فرحك النهاردة و...
وليد لا يريد سماع المزيد و يقاطع عصام قائلا: من فضلك اسبقني على العربية
يذهب عصام و قبل رحيله ينظر إلى وليد نظرة تقول الكثير وهو يتعجب من أنانيته ، يتعجب من هذا الشخص الذي يريد أخذ كل شيء على حساب غيره ..أما وليد فبمجرد خروج عصام يخرج من جيبه صورة ، إنها لسلمى ينظر إليها متأملا و كأنه يودعها و يتساءل هل ستأتي الليلة ..هل ستستطيع ..يرجع الصورة إلى جيبه ..نعم حتى في يوم عرسه مازال محتفظا بها و كأنه يريدها إلى جابه و لو حتى كمجرد صورة.
ولكنه يستسلم للواقع و يتجه إلى حيث ينتظره الجميع ..يذهب إلى حفل زفافه و هو يحمل في قلبه صورتها ...يصل وليد إلى قاعة الحفلات و لكنه لم ينزل، عصام بلهجة جدية يقول:
لو كنت ح تتجوز سلمى النهاردة كان ح يكون عندك نفس الإحساس دة ..عارف ليه ؟ ..لأنك بتحب تاخذ كل حاجة.. و ينزل تاركا إياه يفكر في كلامه
هل صحيح أنه أناني ، و يرغب في أخذ كل شيء ، أم أنه فعلا يحبها ..و ماذا بالنسبة لإيمان ، ما هو وضعها ؟
كان يفكر في دنيا أخرى ثم تأتي إليه أخته داليا متوترة فتركب السيارة قائلة : إيه يا وليد ليه التأخير دة كلو ؟الكل مستنيينك فوق ..
وليد صامت حتى أنه لم ينظر إلى أخته ، و كأنه عزم على عدم النزول ...أما داليا فتترجاه قائلة: ياللا يا وليد عشان خاطر ماما ..
وليد ينظر في داليا و يقول بعصبية :ما هو كل اللي بيحصل هنا عشان خاطر أمك..
داليا : مش حناقش الموضوع دة دلوقتي بس على حسب علمي إنت كمان كنت عايز إيمان و كنتو بتطلعو مع بعض ..
وليد : ها كملي ..بعد كدة سبنا بعض ،لحد ما صدر القرار اللي ما يقبلش المناقشة ...و بيتنفذ دلوقتي زي ما كانت عايزة .....
نعم..لقد كان وليد معجب بإيمان دون أن يصل ذلك الإعجاب إلى أقصى ذروته، الحب، ..ربما كان معجبا بجمالها ،أناقتها ، طريقة حديثها و لكنه لم يحبها ، إنما اقترابه منها جعله يكتشف أشياء أخرى تغطي على كل ذلك الجمال فقرر الابتعاد و وجد العزاء في فتاة بسيطة قد لا تملك كل تلك المواصفات التي تمتلكها إيمان و لكنه أحبها ..دون أن يخبرها و كانت هي تحس بذلك الحب و تنتظر المصارحة إلى أن ملت من الانتظار و قررت النسيان و الابتعاد دون أن تعلم بعلاقته السابقة بإيمان ، و لأن وليد يحب أمه أكثر و يخاف عليها من تدهور حالتها الصحية لم يجد بد من الزواج من إيمان لإرضائها و إن كان يحكم على حياته بالشقاء و يدفن مشاعره ، ففكر بعض الشيء و شاور عقله : إيمان فتاة جميلة و ألف واحد يتمناها و هي تعجبني و اختيارها فيه مرضاة لأمي فما عليا سوى أن أخطو الخطوة الأولى و بعدها كل شيء سيصبح عادي...
فعلا كل شيء في هذا الزمن عادي، بل إنه أكثر من العادي.
وليد يدخل عند إيمان التي ما إن تراه تندهش و تتعجب من مظهره و تتجلى على وجهها علامات الغضب و تنهال عليه بالتساؤلات و تفكر مباشرة فيما ستقلنه صديقاتها بمجرد رؤيته، أما هو فيتعلل بأنه لا يحب المظاهر ، يصدمها بهذه الكلمة فاليوم زفافه و كان من المفروض أن يكون في أحسن حالاته و قمة أناقته .
أما في الخارج فقد اكتملت الشلة بانضمام كل من رنا و صديقها سامي ، إضافة إلى نيرمين و خطيبها رؤوف و مي و خطيبها سمير ، يجلس الجميع أما سلمى فإنها تبحث بعينيها عن العروسين الذين لم يخرجا بعد ، رنا واحدة من صديقات الطفولة إذا كانت علاقة سلمى بإيمان غير قوية فإن علاقتها برنا شائكة و مكهربة على طول الخط و لطالما أحبت رنا أن تضع سلمى في مواقف محرجة و هي في أشد سعادتها بزوج إيمان و وليد .رنا: إيمان زي القمر النهار دة
سارة تنظر إلى رنا نظرة ثاقبة لأنها قد فهمت الرسالة التي تود إيصالها ، أما بقيت البنات فتتحدثن عن هيئة وليد التي تلفت الانتباه و عن شهر العسل الذي قرر وليد أن لا يكون و عن أشياء كثيرة كانت تخشى إيمان أن تسمع بها صديقاتها ، أما الشباب فينظرون باستعجاب و استغراب قائلين: فعلا ناقصات عقل و دين .
بعد هذه الدردشة النسائية حول أجواء الفرح حتى قبل أن يبدأ، يخرج العروسين و يمشيان...وليد يبحث عن سلمى، يريد أن يتأكد هل جاءت إلى عرسه؟ هل استطاعت أن تتغلب على إحساس أنه لا يمكن أن يكون وليد لأحد غيرها ..هل استطاعت أن تكسر سور الوهم الذي كان يحجبها عن الآخرين ..و عن رؤية آخرين ..
يجلس العروسين ابتسامة عريضة على وجه إيمان ، أما وليد فقد وقعت عيناه على سلمى ..رآها إنها هنا ..نعم هنا و قد فعلت كل شيء كان يظنها عاجزة عن فعله ، إنها تبتسم ..تضحك ،غير مبالية ، فعلا مازالت تمثل حتى هذه اللحظة ...و كم كانت ممثلة مقنعة .
يستمر حفل الزفاف عادي كبقية الأعراس ، موسيقى جميلة و يبدأ الرقص ، فيرقص كلٌ مع حبيبه في حين تبقى سلمى وحيدة و بعد وصلة الرقص تعود الشلة إلى مكانها فتسأل رنا سلمى : إنت ح تفضلي كدة طول عمرك وحيدة ؟
تُحرج سلمى من هذا السؤال و تسكت دون أن تجيب و هي التي كانت تضع رنا عند حدها في كل مرة تتطاول عليها و لكنها اليوم مجروحة و ليس بإمكانها أن ترد ، فتختار الصمت ، أما بقية البنات فإنهن تحاولن معاتبة رنا دون أن تلمح سلمى ذلك و إن كانت تعرف رد فعلهن دون أن تراه .
يمضي الوقت و يحين وقت الرحيل تذهب البنات إلى إيمان و تقدمن التهاني ، تحاول سلمى التعامل مع الوضع و تقبله كما هو ، ينظر إليها وليد لعله يجد في عينيها الحزن الذي يرضي غروره أما هي فتتحاشى النظر إليه و تهنئ صديقتها بابتسامة جميلة ...و ترحل تاركة وراءها روحها و قلبها ، تاركة حلمها الذي لم يتحقق ، تمشي بخطوات لا تحسها راغبة لو لم تأتي و لم ترى و لم تتألم ، تنظر إلى وليد و إيمان نظرة الوادع دون رجعة ..
ثم تعود إلى وعيها و ترحل من هذا المكان أملة أن يرحل حبه من قلبها و أن تدفن هنا أمال و أحلام سنوات طوال من العمر ..
و ها هي مرة أخرى في سيارة عادل ... طريق العودة..ولكن العودة إلى أين ؟ هل سترضى أن ترجع مرة أخرى كما كانت أم أنها ستبدأ حياة جديدة ..
كم كانت تتمنى أن تطول المسافة و هي ذاهبة و لكنها الآن تتمنى لو يمضي الوقت بسرعة البرق حتى تعود إلى غرفتها أين تخفي همومها و تعيش ألامها ..
يتوقف عادل عند باب العمارة تنزل سلمى فتلحقها سارة و تقول بعد نظرة متمعنة و بابتسامة رقيقة: صدقيني هما لايقين على بعض أوي ..أما إنت فتستهلي واحد أحسن منوا
تبتسم سلمى بدورها و تقول : ما تخافيش عليا أنا قوية
ترجع سارة إلى السيارة و تذهب ، أما سلمى فتصعد و تدخل مباشرة إلى غرفتها دون أن تكلم أحد ، تقفل الباب و تلصق ظهرها به و تسقط باكية ،تنفجر بعد طول احتمال ، تبكي ألامها و أحلامها التي ذهبت دون رجعة تنفجر بالبكاء بعد ذلك اليوم الشاق ظلت تمثل فيه على كل من حولها ، مظهرة ابتسامات لا وجود لها ربما في حياتها ، تتمدد على سريرها فاردة ذراعيها و تنظر إلى السقف و تفكر ..فيما تفكر في أي شيء المهم أنها تفكر
قد تبدو سلمى بريئة ، هادئة و حساسة و لكنها مثل كل البشر تجمع في داخلها بين الخير و الشر و إن طغى الأول على الثاني ، يوجد بداخلها بعض من المكر ، و الكثير من الفكاهة ، فها هي تتذكر أياما جميلة جمعتها بصديقاتها الخمسة ، فيرد في ذهنها أحد المقالب التي قامت بها أيام الثانوية العامة ، حيث قامت بوضع رسالة في حقيبة كل واحدة منهن دون أن تنسى وضع واحدة لها حتى يكون المقلب منسقا و مجهزا كما ينبغي ، و مفاد هذه الرسالة أن معجب متيم يود مقابلة الفتاة للاعتراف لها بحبه و تذهب البنات إلى الموعد و تلتقين هناك ..كم ضحكن ما عدا نيرمين المعروفة بجديتها فإنها بقيت متحسرة على عدم معرفة من هو صاحب المقلب أما سلمى فقد أخفت عن الجميع الحقيقة حتى سارة لا تعلم بالأمر حتى الساعة ....
مازالت سلمى ممددة و هي تضحك و تقول: قد إيه بحبكم ..يا ريت أقدر أرجع الأيام الحلوة دي...
ثم تختفي تلك الابتسامة و تنظر في المرأة و تتساءل : هل صحيح أنها تحبهن ؟..أم أنها تهوى لعب دور الصديقة المثالية التي تحب الجميع ..هل هي صادقة ..أم أنها تكذب حتى على نفسها ...
و تعود مرة أخرى للماضي و تتذكر عندما فرقت بين رنا و سارة حين بدأتا التقرب من بعضهما البعض و أحست سلمى أن رنا تسحب سارة من سيطرة صداقتها عليها ..و فعلا تنجح سلمى في ذلك باختراق كذبة تصدقها سارة على افتراض منها أنها لا تكذب عليها أبدا
حتى و إن كان ذلك قد حدث في طفولتها إلا أنها لازالت تذكره و تلوم نفسها عليه
بعد هذه الرحلة الطويلة متاهات السنين تتمدد سلمى مرة ثانية على سريرها و هذه المرة كي تنام ..فهل ستستطيع ذلك..
أما عادل فها هو مرة أخرى يحاول الاتصال بصديقه أما سارة فإنها تفكر في سلمى ثم تنتبه لعادل و تقول:
ايه بردو مش بيرد ؟
عادل : الظاهر رد.. أيوا مساء الخير إزيك ؟ واحشني ...
محمد أما باب فلته و هو يكلم عادل : إزيك يا عادل اسف ما ردتش عليك من شويا كنت في عشاء عمل
عادل: اه هي كدة ..ما انت رجل أعمال
محمد: و الله انت كمان واحشني و نفسي أشوفك
عادل: يعني دي حاجة مش صعبة أوي
محمد : إيه رأيك نتغدى بكرة سوى و نفتكر أيام زمان ..باستناك في نفس المكان ..مع السلامة .
يدخل محمد إلى بيته ، يمشي بعض الخطوات ثم يسمع شخص ما يلقي عليه التحية ....
إلى الملتقى مع الجزء 3
إيه يا عم ، بالزمة دة منظر واحد فرحو النهاردة
ينظر وليد ضجرا و لا تبدو عليه علامات السعادة أما عصام فيكمل دعابته قائلا:
و لا ح يجوزوك غصبن عنك ...
وليد يرد بعصبية : و النبي تسيبني يا عصام أنا مش طايق نفسي النهاردة
عصام :لا إنت فعلا مش مش كويس ...إيه مالك ؟
وليد : يعني مش عارف ؟
عصام على علم بكل شيء و لكنه يتحاشى الحديث في هذا الموضوع، وكأن عدم الحديث فيه سيجعل وليد ينساه و لكن الموقف يُخرج عصام عن صمته فيقول : اه الموضوع اياه ما تشيلها من دماغك بقى انت فرحك النهاردة و...
وليد لا يريد سماع المزيد و يقاطع عصام قائلا: من فضلك اسبقني على العربية
يذهب عصام و قبل رحيله ينظر إلى وليد نظرة تقول الكثير وهو يتعجب من أنانيته ، يتعجب من هذا الشخص الذي يريد أخذ كل شيء على حساب غيره ..أما وليد فبمجرد خروج عصام يخرج من جيبه صورة ، إنها لسلمى ينظر إليها متأملا و كأنه يودعها و يتساءل هل ستأتي الليلة ..هل ستستطيع ..يرجع الصورة إلى جيبه ..نعم حتى في يوم عرسه مازال محتفظا بها و كأنه يريدها إلى جابه و لو حتى كمجرد صورة.
ولكنه يستسلم للواقع و يتجه إلى حيث ينتظره الجميع ..يذهب إلى حفل زفافه و هو يحمل في قلبه صورتها ...يصل وليد إلى قاعة الحفلات و لكنه لم ينزل، عصام بلهجة جدية يقول:
لو كنت ح تتجوز سلمى النهاردة كان ح يكون عندك نفس الإحساس دة ..عارف ليه ؟ ..لأنك بتحب تاخذ كل حاجة.. و ينزل تاركا إياه يفكر في كلامه
هل صحيح أنه أناني ، و يرغب في أخذ كل شيء ، أم أنه فعلا يحبها ..و ماذا بالنسبة لإيمان ، ما هو وضعها ؟
كان يفكر في دنيا أخرى ثم تأتي إليه أخته داليا متوترة فتركب السيارة قائلة : إيه يا وليد ليه التأخير دة كلو ؟الكل مستنيينك فوق ..
وليد صامت حتى أنه لم ينظر إلى أخته ، و كأنه عزم على عدم النزول ...أما داليا فتترجاه قائلة: ياللا يا وليد عشان خاطر ماما ..
وليد ينظر في داليا و يقول بعصبية :ما هو كل اللي بيحصل هنا عشان خاطر أمك..
داليا : مش حناقش الموضوع دة دلوقتي بس على حسب علمي إنت كمان كنت عايز إيمان و كنتو بتطلعو مع بعض ..
وليد : ها كملي ..بعد كدة سبنا بعض ،لحد ما صدر القرار اللي ما يقبلش المناقشة ...و بيتنفذ دلوقتي زي ما كانت عايزة .....
نعم..لقد كان وليد معجب بإيمان دون أن يصل ذلك الإعجاب إلى أقصى ذروته، الحب، ..ربما كان معجبا بجمالها ،أناقتها ، طريقة حديثها و لكنه لم يحبها ، إنما اقترابه منها جعله يكتشف أشياء أخرى تغطي على كل ذلك الجمال فقرر الابتعاد و وجد العزاء في فتاة بسيطة قد لا تملك كل تلك المواصفات التي تمتلكها إيمان و لكنه أحبها ..دون أن يخبرها و كانت هي تحس بذلك الحب و تنتظر المصارحة إلى أن ملت من الانتظار و قررت النسيان و الابتعاد دون أن تعلم بعلاقته السابقة بإيمان ، و لأن وليد يحب أمه أكثر و يخاف عليها من تدهور حالتها الصحية لم يجد بد من الزواج من إيمان لإرضائها و إن كان يحكم على حياته بالشقاء و يدفن مشاعره ، ففكر بعض الشيء و شاور عقله : إيمان فتاة جميلة و ألف واحد يتمناها و هي تعجبني و اختيارها فيه مرضاة لأمي فما عليا سوى أن أخطو الخطوة الأولى و بعدها كل شيء سيصبح عادي...
فعلا كل شيء في هذا الزمن عادي، بل إنه أكثر من العادي.
وليد يدخل عند إيمان التي ما إن تراه تندهش و تتعجب من مظهره و تتجلى على وجهها علامات الغضب و تنهال عليه بالتساؤلات و تفكر مباشرة فيما ستقلنه صديقاتها بمجرد رؤيته، أما هو فيتعلل بأنه لا يحب المظاهر ، يصدمها بهذه الكلمة فاليوم زفافه و كان من المفروض أن يكون في أحسن حالاته و قمة أناقته .
أما في الخارج فقد اكتملت الشلة بانضمام كل من رنا و صديقها سامي ، إضافة إلى نيرمين و خطيبها رؤوف و مي و خطيبها سمير ، يجلس الجميع أما سلمى فإنها تبحث بعينيها عن العروسين الذين لم يخرجا بعد ، رنا واحدة من صديقات الطفولة إذا كانت علاقة سلمى بإيمان غير قوية فإن علاقتها برنا شائكة و مكهربة على طول الخط و لطالما أحبت رنا أن تضع سلمى في مواقف محرجة و هي في أشد سعادتها بزوج إيمان و وليد .رنا: إيمان زي القمر النهار دة
سارة تنظر إلى رنا نظرة ثاقبة لأنها قد فهمت الرسالة التي تود إيصالها ، أما بقيت البنات فتتحدثن عن هيئة وليد التي تلفت الانتباه و عن شهر العسل الذي قرر وليد أن لا يكون و عن أشياء كثيرة كانت تخشى إيمان أن تسمع بها صديقاتها ، أما الشباب فينظرون باستعجاب و استغراب قائلين: فعلا ناقصات عقل و دين .
بعد هذه الدردشة النسائية حول أجواء الفرح حتى قبل أن يبدأ، يخرج العروسين و يمشيان...وليد يبحث عن سلمى، يريد أن يتأكد هل جاءت إلى عرسه؟ هل استطاعت أن تتغلب على إحساس أنه لا يمكن أن يكون وليد لأحد غيرها ..هل استطاعت أن تكسر سور الوهم الذي كان يحجبها عن الآخرين ..و عن رؤية آخرين ..
يجلس العروسين ابتسامة عريضة على وجه إيمان ، أما وليد فقد وقعت عيناه على سلمى ..رآها إنها هنا ..نعم هنا و قد فعلت كل شيء كان يظنها عاجزة عن فعله ، إنها تبتسم ..تضحك ،غير مبالية ، فعلا مازالت تمثل حتى هذه اللحظة ...و كم كانت ممثلة مقنعة .
يستمر حفل الزفاف عادي كبقية الأعراس ، موسيقى جميلة و يبدأ الرقص ، فيرقص كلٌ مع حبيبه في حين تبقى سلمى وحيدة و بعد وصلة الرقص تعود الشلة إلى مكانها فتسأل رنا سلمى : إنت ح تفضلي كدة طول عمرك وحيدة ؟
تُحرج سلمى من هذا السؤال و تسكت دون أن تجيب و هي التي كانت تضع رنا عند حدها في كل مرة تتطاول عليها و لكنها اليوم مجروحة و ليس بإمكانها أن ترد ، فتختار الصمت ، أما بقية البنات فإنهن تحاولن معاتبة رنا دون أن تلمح سلمى ذلك و إن كانت تعرف رد فعلهن دون أن تراه .
يمضي الوقت و يحين وقت الرحيل تذهب البنات إلى إيمان و تقدمن التهاني ، تحاول سلمى التعامل مع الوضع و تقبله كما هو ، ينظر إليها وليد لعله يجد في عينيها الحزن الذي يرضي غروره أما هي فتتحاشى النظر إليه و تهنئ صديقتها بابتسامة جميلة ...و ترحل تاركة وراءها روحها و قلبها ، تاركة حلمها الذي لم يتحقق ، تمشي بخطوات لا تحسها راغبة لو لم تأتي و لم ترى و لم تتألم ، تنظر إلى وليد و إيمان نظرة الوادع دون رجعة ..
ثم تعود إلى وعيها و ترحل من هذا المكان أملة أن يرحل حبه من قلبها و أن تدفن هنا أمال و أحلام سنوات طوال من العمر ..
و ها هي مرة أخرى في سيارة عادل ... طريق العودة..ولكن العودة إلى أين ؟ هل سترضى أن ترجع مرة أخرى كما كانت أم أنها ستبدأ حياة جديدة ..
كم كانت تتمنى أن تطول المسافة و هي ذاهبة و لكنها الآن تتمنى لو يمضي الوقت بسرعة البرق حتى تعود إلى غرفتها أين تخفي همومها و تعيش ألامها ..
يتوقف عادل عند باب العمارة تنزل سلمى فتلحقها سارة و تقول بعد نظرة متمعنة و بابتسامة رقيقة: صدقيني هما لايقين على بعض أوي ..أما إنت فتستهلي واحد أحسن منوا
تبتسم سلمى بدورها و تقول : ما تخافيش عليا أنا قوية
ترجع سارة إلى السيارة و تذهب ، أما سلمى فتصعد و تدخل مباشرة إلى غرفتها دون أن تكلم أحد ، تقفل الباب و تلصق ظهرها به و تسقط باكية ،تنفجر بعد طول احتمال ، تبكي ألامها و أحلامها التي ذهبت دون رجعة تنفجر بالبكاء بعد ذلك اليوم الشاق ظلت تمثل فيه على كل من حولها ، مظهرة ابتسامات لا وجود لها ربما في حياتها ، تتمدد على سريرها فاردة ذراعيها و تنظر إلى السقف و تفكر ..فيما تفكر في أي شيء المهم أنها تفكر
قد تبدو سلمى بريئة ، هادئة و حساسة و لكنها مثل كل البشر تجمع في داخلها بين الخير و الشر و إن طغى الأول على الثاني ، يوجد بداخلها بعض من المكر ، و الكثير من الفكاهة ، فها هي تتذكر أياما جميلة جمعتها بصديقاتها الخمسة ، فيرد في ذهنها أحد المقالب التي قامت بها أيام الثانوية العامة ، حيث قامت بوضع رسالة في حقيبة كل واحدة منهن دون أن تنسى وضع واحدة لها حتى يكون المقلب منسقا و مجهزا كما ينبغي ، و مفاد هذه الرسالة أن معجب متيم يود مقابلة الفتاة للاعتراف لها بحبه و تذهب البنات إلى الموعد و تلتقين هناك ..كم ضحكن ما عدا نيرمين المعروفة بجديتها فإنها بقيت متحسرة على عدم معرفة من هو صاحب المقلب أما سلمى فقد أخفت عن الجميع الحقيقة حتى سارة لا تعلم بالأمر حتى الساعة ....
مازالت سلمى ممددة و هي تضحك و تقول: قد إيه بحبكم ..يا ريت أقدر أرجع الأيام الحلوة دي...
ثم تختفي تلك الابتسامة و تنظر في المرأة و تتساءل : هل صحيح أنها تحبهن ؟..أم أنها تهوى لعب دور الصديقة المثالية التي تحب الجميع ..هل هي صادقة ..أم أنها تكذب حتى على نفسها ...
و تعود مرة أخرى للماضي و تتذكر عندما فرقت بين رنا و سارة حين بدأتا التقرب من بعضهما البعض و أحست سلمى أن رنا تسحب سارة من سيطرة صداقتها عليها ..و فعلا تنجح سلمى في ذلك باختراق كذبة تصدقها سارة على افتراض منها أنها لا تكذب عليها أبدا
حتى و إن كان ذلك قد حدث في طفولتها إلا أنها لازالت تذكره و تلوم نفسها عليه
بعد هذه الرحلة الطويلة متاهات السنين تتمدد سلمى مرة ثانية على سريرها و هذه المرة كي تنام ..فهل ستستطيع ذلك..
أما عادل فها هو مرة أخرى يحاول الاتصال بصديقه أما سارة فإنها تفكر في سلمى ثم تنتبه لعادل و تقول:
ايه بردو مش بيرد ؟
عادل : الظاهر رد.. أيوا مساء الخير إزيك ؟ واحشني ...
محمد أما باب فلته و هو يكلم عادل : إزيك يا عادل اسف ما ردتش عليك من شويا كنت في عشاء عمل
عادل: اه هي كدة ..ما انت رجل أعمال
محمد: و الله انت كمان واحشني و نفسي أشوفك
عادل: يعني دي حاجة مش صعبة أوي
محمد : إيه رأيك نتغدى بكرة سوى و نفتكر أيام زمان ..باستناك في نفس المكان ..مع السلامة .
يدخل محمد إلى بيته ، يمشي بعض الخطوات ثم يسمع شخص ما يلقي عليه التحية ....
إلى الملتقى مع الجزء 3