يسعدنا اليوم أن نعلن عن نتيجة مسابقة الشهر الخامس, والتى تأخرت لظروف خاصة بالأساتذة الأعزاء أعضاء لجنة التحكيم, ولهذا فقد أعلنا مسابقة الشهر الجديد منذ أيام لكى لا تتأخر أكثر من اللازم, و لمن لم تصله رسالة الإعلان عن المسابقة يمكنه مشاهدته على الرابط التالى:
http://egyptwrite.com/w/viewtopic.php?f=27&t=842
نأتى الأن إلى عرض الأعمال الفائزة, مسابقة هذا الشهر كانت فى الخواطر, وكان عنوانها (صورة), وأكثر ما أسعدنا تشجيع لجنة التحكيم لفكرة اختيار عنوان للمسابقة, و كيف أن كل عمل من الأعمال تناول فكرة (صورة) بمنطلق غير العمل الأخر, وأعطى مساحة للحكم على العمل على أساس تميز فكرته وعلى اللغة أيضا, و هذا بالفعل ما نقصده من إختيار عنوان بالإضافة لتجديد الإبداع فى المواضيع والكلمات, وعدم توقف الكتاب على عدة أعمال يتقدمون بها فى كل ملتقى أدبى أو مسابقة, فطرق الإبداع وبحور الكلمات ليس لها نهاية.
الأن مع عرض الأعمال الفائزة:
أولا: العمل الفائز شرفيا عن مسابقة هذا الشهر:
و في يوم ما في رحلة مع زملائي بالجامعة ذهبنا الى مكان كان به رسام يعرض خدماته برسم بورتريه للشخص مقابل بضعة جنيهات .. في البداية ترددت لكن في النهاية جلست امامه ليرسمنى .. و كنت افكر ماذا سيكون الرسم في النهاية ؟؟ !! هل جميل كما ارى نفسي احيانا .. ام غير جميل كما ارى نفسي احيانا اخرى او كما تراني الكاميرا ؟؟؟ !!
و بعد انتظار و قلق وجدت بين يدي صورة جميلة رقيقة تشبهني كثيرا .. سعدت بها جدا و اعطيت الرسام ضعف ما طلب .. لامتني صديقتي على اعطائه اكثر مما يطلب لكن لسعادتي لم الق بالا لما تقول ... و ظللت طوال الوقت الباقي من الرحلة احافظ على لوحتي الثمينة حتى اعود بها الى البيت سليمة دون ان يصيبها ادنى ضرر .. و عدت الي البيت لاضع اللوحة باطار للحفاظ عليها و وضعتها بجوار كتبي التي اعتز بها كثيرا على رفوف المكتبة بالحائط المقابل لسريري .. و جلست امامها على السرير انظر اليها و افكر..
افكر في السعادة التي اشعر بها لان هناك من يراني بهذا الجمال .. و تذكرت صديقتي التي لامتني على دفع ضعف ما طلب الرسام .. لكني شعرت ان هذا طبيعي .. فمن اشعر انه يراني جميلة و يكرمني بعينيه فاقل شيء استطيع ان افعله ان اكرمه ماديا .. فالمادة صنعت لاجل الانسان و ليس الانسان لاجل المادة .. الجميع يتسابق للحصول على المادة ظانين ان سعادتهم تزيد بزيادة ممتلكاتهم ..
فعندما ترى الجمال في الاخر تسعده فيزداد جمالا فتسعد انت بسعادته و تزداد انت ايضا جمالا .. انها دائرة رائعة من السعادة تزداد اتساعا و روعة يوما بعد يوم ... و لكن بكل اسف الناس غالبا ما ينظرون بعيون ناقدة باحثة عن القبح في الاخرين .. و ذلك كي تتجه انظار الناس لعيوب الاخرين و لا ترى عيوبهم هم .. اما من ينظر اليك بعيون تبحث عن الجمال فهم ذوو القلوب العظيمة .. فالانسان يقبل و يحبها نفسه عندما يقبله الاخرون و يحبونه حب غير مشروط و هذه هي العظمة
ثانيا: الأعمال الفائزة رسميا عن مسابقة هذا الشهر:
فقد عبست قسماته ..وقطب جبينه ورمقها بنظرة نارية كادت تقتلها ،وخرج صوته بارد قاس عنيف... وحدقت هي في كل ذلك في ذهول بعقل رافض لما يرى يقسم أن كل هذا ما هو إلا خيالات وأوهام خبيثة دسها الشيطان ليفسد ما ظننته يوماً أنعم ما حباها به القدر.... أجل هو كذلك ..ولكن ملامحه تزداد بشاعة ورهبة فاغمضت عينيها بقوة .....ولكن لا....محال أن يكون ذلك مجرد وهم ..... فما عساه يكون ؟!!!!
فتحت عيناها شيئاً فشيء تتحقق من الأمر.......
هل يمكن أن تستحيل المشاعر الدافئة إلى أشياء لا تستحق النعت أو الوصف؟!!
أشياء باردة قاتلة على هذا النحو المقيت؟
وهل يحدث ذلك – إن كان ممكناً- بتلك الصورة الفجائية الفاجعة ... أم أنها واهمة منذ البدايه؟ ولكن كيف؟ ... محال أن تكون ابتساماته ودموعه وهمساته وكلماته مجرد خديعة ...ما الأمر إذاً؟ !!!!
وتلاحقت الصور في ذهنها دفعة واحدة.. وبدت الحقائق تتوالى أمام عين المسكينة حقيقة تلو الأخرى....تذكرت يوم جائها بقدم مرتعدة يخشى عبء الحياة وما ينتظره من مسئولية يخشى هولها حينها هونت عليه الأمر في حنان وظنت أن في ذلك دوراً لها فدفعته للأمام بكلمات حماسية حارة وعدته بالمشاركة والتخفيف عنه وبث الطمأنينة في قلبه على مر الدرب.... تذكرت يقينه البائس بأن الغد لن يختلف كثيراً عن ظلام اليوم فاقسمت له أنها تثق به وتثق بالخالق و تثق بقدرة مشاعرها على نسج عالم أفضل راض ...تذكرت سكونه مع معتديه وظنته ترفعاً وقوة وحلم.....
صنعت من كل ذلك صورة تخالف تماماً حقيقته التقليدية المتهاونة والتي رأت فيها عظمة لا تستحقها...
فعاشت مع صورة اختلقتها حتى سحقتها الحقيقة.
لماذا عادت؟ ويا قلبها لماذا عدت؟ وبعد أن صار قلبي هو من إلى جواره جئت لتلوح له بماض بنيتماه سويا، وحب خلقتماه معا، ولكن هذا الماضي أنت جرحته، وهذا الحب أنت قتلته.. فأين كنت والجرح ينزف في قلبه ولا يجد من يداويه؟ أين كنت والدموع تجري في مقلتيه دون أن تجد من يجففها؟ أين كنت والليالي تزحف من حوله بتباطئ تاركة إياه وحيدا؟ أين كنت والألم يرسم نفسه لحظة بعد لحظة على جدران حياته؟ أين كنت يا قلبها؟ لم تكن إلى جواره حينها.. بل كنت أنا!
أنا من طبب الجرح وداواه، أنا من أضاء ظلمة قلبه وأنارها، أنا من أعاد الدماء لشرايين حياته.. وحدي أنا من فعل كل هذا، وبينما كنت أنت تولي هاربا كنت أنا أرمم قلبا وأبني حبا، وبينما كنت أنت الجاني كنت أنا أنقذ الضحية.. واليوم عليك أن تعلم أن هذا الحب في قلبه حبي أنا، وهذا الشوق في عينه لعيني أنا..
ولكن يا قلبي أين هي عينه ولماذا لا تنظر لنا؟ هل خدعنا فيه وراهنا على قلب خسران؟ هل سنخرج من معركة حبنا فارغي اليد ومجروحي الفؤاد؟ وهو! هل سيتركنا ليرتمي بين أحضان قلب خانه من قبل وعاد بدموع كاذبة لا تغسل حتى ذنبه؟ وحب لا يساوي نصف حبي لقلبه؟!
لا تجب يا قلبي فجوابه قد وصلني، وآلمك وآلمني، ولم يعد لنا مكان في هذه الصورة الزائفة.. فدعنا نجر أذيال الخيبة ونذهب، ونأخذ حبنا الكبير ونرحل..
ولكن! انتظر يا قلبي، فها هو يتحرك، ويختارنا وينبذ قلبها، ويعلن أنه ما عاد في قلبه مكان لها، وما صار فيه عرش بناه لقلبنا، وحب أسماه حبنا، وبيت لن يسكنه غيرنا، فقف يا قلبي لتلتقط الصورة له فقط ولنا..
أريد أن أُبعِد تلك القدم الحقيرة الواقفة الى جوار رأسك الطاهر ... أريد أن أُطلق يديّ لأضرب و أضرب الملتفين حولك ..ينظرون ..يتأملون ..و ..يصوّرون ! هل أصبحتِ مجرد صورة تتناقلها الأيدي ؟ هل أصبحت تلك الصورة سلعة تباع و تُشترى في هذا العالم المتحجّرّ القلب و المشاعر؟ أريد أن أصرخ باكية في غضب و توعد : يامن تلتفون حولها إنها ليست سوى ...... طفلة ! أعرف أنها ليست كأي طفلة .. فقدرها أن تعيش في برد الخوف القارس بدلا من دفء أمانِ يعيشه أقرانها في كثير من الأوطان ....أن تستمع الى دويّ الانفجارات بدلا من زقزقة عصافير عمرها القصير ... أن يزدحم عقلها البريء الصغير بعشرات الكلمات التي لا يدركها فهمها الطفولي : حرب...قنابل ....أحزاب ....قتل ...اغتيال ...موت و دمار !
حبيبتي ..دعكِ الآن من كل هذا ... و أجيبيني : أكنتِ ذاهبة إلى المدرسة أم عائدة منها ؟ هل أحضرتِ معكِ فروضك المدرسية ؟ هل تناولتِ طعامك الذي حضّرته لكِ أمّكِ بكل حبٍ وحنان مع دعواتها العذبة؟ أتراكِ قد قبّلتها قبل الرحيل الى مدرستك ؟ جميل منكِ أن تذهبي لمدرستك رغم الأصوات المدوّية التي تُرهق أذنيكِ المتناهيتين في الصغر ! بم حلمتِ أن تكوني عندما .....تكبرين .. أيتها العصفورة الرقيقة ؟ هل تحبين أصدقائك ؟ و تحبين معلّماتك ؟ أتحبين أباكِ و أمّكِ و إخوتك ِ ... بيتكِ .... جيرانك ِ .......صغيرتي ......هل تحبين الحياة ؟؟؟
كلما رأيت صورة رأسك الصغير الرقيق وحيدا على أرض حربٍ دنيئة ..بلا رحمة ...بلا دمعة ...بلا......جسد ! أحس بيد الألم القاسية تمتد بعنف لتعتصرقلبي و أحاسيسي ... تخنق الكلمات في حلقي ....فصورتك الموجِعة ليست سوى انعكاسا لبشاعة الصورة الدامية هناك .. صورة؟ ..نعم ... هي كذلك ! صورة درامية متكررة ... نقف منها للأسف موقف المتفرج المشلول ....المُكبّل بقيود الصمت و العجز و ...الاستسلام الباكي !!
رأسك الصغير الذي استقر بعيدا عن جسدك النحيل الجائع لدفء أحضان الأهل و الوطن ... رأسك يا حبيبة قلبي .... قد مزّق قلبي الحزين عليكِ و على أصدقاؤك و أقرانك هناك ! قد عذّب روحي .. فصارت تهيم في مدينتك غزة ..بحثا عن جسدك ..أو ...ما تبقي منه ... تريد أن تلفّـكِ برداءٍ من حنانٍ و حنين علّكِ تحسّين بشيءٍ من دفء لطالما حلمتِ به ، صورة رأسك أيتها الزهرة النديّة البريئة قد أرهقت عقلي و شتّتت أفكاري فعجزت عن تفسير معنى لما حدث و يحدث ...فما دخلكِ أنتِ في كل هذا يا طفلتي الذبيحة ؟
أين كل من عرفوكِ و رأوا عينيك الجميلتين ؟ أين من سمعوا أصداء ضحكاتك العذبة تخترق جدران أقسى القلوب؟ لا أجرؤ أن أسأل عن ....أمّك الثكلى ... لا أريد حتى أن أتخيّل وقع الخبرالشرس عليها ! أتضرع من الله ألا تكون قد رأتك أو ..رأت رأسك الذي بقي منكِ ! لا ..لا .. أرجوكم لا تجعلوها تبتاع أي صحيفة أو مجلة ... صورة الرأس هنا و هناك .... قد أصبحت سبقا صحفيا ليس إلا !
لا تجزعي ياأمّها ! سينصرنا الله العلي القدير عليهم ذات يوم .... و برحمته تعالى ...نلقى طفلتك الحبيبة تمرح هناك ...في الجنّة مع رفاقها الشهداء ... و هناك فقط ستفتح عينيها المغلقتين بأقفالٍ من هموم ...هناك ...تنطلقين يا حبيبتنا البريئة بكل الحب و الفرحة ...هناك فقط ...حيث لا دمار...لا خراب ...لا....حروب !